اكتشف العلماء أدلة دامغة على وجود اختلالات في الدماغ والجهاز المناعي لدى المرضى الذين يعانون من متلازمة التعب المزمن، والمعروفة أيضاً باسم التهاب الدماغ والنخاع العضلي.
وبحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فإن هذه الدراسة هي الأولى من نوعها التي تثبت وجود صلة بين الاختلالات في نشاط الدماغ ومشاعر التعب، وتشير إلى أن هذه التغييرات يمكن أن تكون ناجمة عن خلل في الجهاز المناعي.
وشملت الدراسة 17 مشاركاً مكثوا في عيادة تابعة لمعاهد الصحة الوطنية الأميركية لمدة أسبوع، وتم إخضاعهم لمجموعة واسعة من التقييمات الفسيولوجية.
وأظهرت نتائج فحوصات الدماغ بالتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) أن الأشخاص الذين يعانون من متلازمة التعب المزمن لديهم نشاط أقل في منطقة بالدماغ تسمى الوصل الصدغي الجداري (TPJ).
ولفت الفريق إلى أن هذه القلة في النشاط قد تسبب التعب عن طريق تعطيل الطريقة التي يقرر بها الدماغ كيفية بذل الجهد.
كما وجد الفريق أن القشرة الحركية، وهي منطقة الدماغ التي توجه حركات الجسم، ظلت نشطة بشكل غير طبيعي أثناء المهام المرهقة. ومع ذلك، لم تكن هناك علامات على التعب العضلي.
ويشير هذا إلى أن متلازمة التعب المزمن يمكن أن تكون ناجمة عن خلل في مناطق بالدماغ، الأمر الذي يؤثر على قدرة المرضى على تحمل المجهود وعلى طريقة إدراكهم للتعب، وفقاً للدراسة.
وقال بريان واليت، الباحث في المعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية (NINDS) التابع للمعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة، والمؤلف الأول للدراسة: «ربما حددنا نقطة محورية فسيولوجية للإرهاق لدى هذه الفئة من السكان. فبدلاً من الإرهاق الجسدي أو الافتقار إلى الحافز، قد ينشأ الإرهاق من عدم التوافق بين ما يعتقد الشخص أنه قادر على تحقيقه وما يؤديه جسده بالفعل».
وكان لدى المرضى أيضاً ارتفاع في معدلات ضربات القلب، واستغرق ضغط الدم وقتاً أطول حتى يعود إلى طبيعته بعد المجهود. وكانت هناك أيضاً تغييرات في الخلايا التائية للمرضى، التي تم أخذ عينات منها من السائل النخاعي، مما يشير إلى أن هذه الخلايا المناعية كانت تحاول محاربة شيء ما.
ويقول الباحثون إن هذا الخلل في الجهاز المناعي يمكن أن يسبب تغيرات في الجهاز العصبي المركزي، مما يؤدي إلى تغيرات في كيمياء الدماغ، ويؤثر في النهاية على وظيفة هياكل معينة في الدماغ تتحكم في الوظيفة الحركية وإدراك الأشياء.
وقال والتر كوروشيتز، مدير المعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية، والذي شارك في الدراسة: «يعاني الأشخاص الذين يعانون من متلازمة التعب المزمن من أعراض حقيقية ومعيقة للغاية، لكن الكشف عن السبب البيولوجي لهذه الأعراض كان صعباً للغاية. وقد وجدت دراستنا عدداً من العوامل التي من المحتمل أن تسهم في حدوث هذه الحالة».
ونظراً لقلة عدد المشاركين، فقد أكد الباحثون على ضرورة التأكد من النتائج في مجموعة أكبر قبل أن يتم اعتمادها بوصفها خريطة طريق نحو علاجات جديدة. وذلك على الرغم من أن العلماء وصفوا هذا العمل بأنه بحث عميق طال انتظاره في بيولوجيا هذه الحالة.