(كونا) — أعطى فقيد الكويت الراحل سمو الشيخ سالم العلي الصباح رئيس الحرس الوطني الذي وافاه الأجل أمس الأثنين مثالا بارزا لرجالات الكويت والرعيل الذي أخذ على عاتقه مهمة وعزيمة تحقيق الاستقلال ونهضة الوطن وبنائه في شتى ميادين العمل والمسؤوليات التي تولاها فقدم تجربة ثرية ستبقى ماثلة في الذاكرة.
ولاشك أن أكثر ما يحسب لسموه رحمه الله هو تأسيسه وترؤسه الحرس الوطني بخبرته واجتهاده العام 1967 كهيئة مستقلة عن القوات المسلحة وهيئات الأمن العام حتى وصل إلى ما هو عليه الآن من مؤسسة عسكرية تتسم بالانضباط والنظام والحوكمة والارتقاء الإداري وآخر تقنيات العصر عسكريا وتقنيا وفنيا وتوعويا.
ومنذ إنشاء الحرس الوطني أرسى سموه قواعد العمل فيه وأقام هيكله الإداري ووضع له كوادر عسكرية متخصصة وكان أول ما نتج عن ذلك أن انضم إليه جموع من أبناء الوطن وتلقوا تدريبات عسكرية عالية حتى أصبحوا يمثلون القوة الأساسية والنواة التي أصبحت الآن موضع إعجاب وتقدير من الجميع.
وفي العام 1967 صدر مرسوم أميري بتأسيس الحرس الوطني الكويتي ليكون هيئة مستقلة عن الجيش والشرطة وتتبع مجلس الدفاع الأعلى وأسندت إلى سمو الشيخ سالم العلي الصباح رئاسته ليتولى تنظيمه وإعداد كوادره ووضع لبناته الأساسية فمنحه خلاصة خبرته وتجاربه حتى غدا الحرس الوطني بفضل رؤيته الثاقبة وتوجيهاته السديدة جهازا عسكريا شامخا يتولى مهامه في الدفاع والأمن بالتعاون مع الجيش والشرطة.
ووضع سمو الشيخ سالم العلي يده بأيدي كل من أخيه أمير البلاد الراحل سمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه وصاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه عندما توليا منصب نائب رئيس الحرس الوطني فشهد الحرس الوطني تطورا كبيرا وحقق قفزات هائلة في شتى المجالات العسكرية والإدارية والفنية.
وحرص سمو الشيخ سالم العلي طيب الله ثراه على أن يخص العاملين بالحرس الوطني بالرعاية والاهتمام لهم ولأسرهم حتى يرتقي أداؤهم وتصبح لديهم قدرات قتالية ذات مستوى فني رفيع وبفضل الله عز وجل ثم جهود المخلصين أصبح الحرس الوطني اليوم سورا منيعا وسندا كبيرا يشارك في حماية الوطن.
كما أثمر الغرس الذي وضعه سموه في تأسيس الحرس الوطني واتضح دوره عندما حدثت فاجعة الغزو العراقي الغاشم على الكويت عام 1990 فهب رجال الحرس الوطني يذودون عن وطنهم ويستبسلون في الدفاع عنه.
وكان لرجال الحرس الوطني خلال الأيام الأولى للغزو دور عظيم في الوقوف أمام جحافل المحتل وأوقعوا بين صفوفه خسائر كبيرة ودارت موقعة كبيرة بين المحتلين والأبطال الكويتيين أكدت صمود مجموعات فدائية من أبناء الكويت عامة وأبناء الحرس الوطني خاصة حتى أطلق على معسكر الحرس الوطني بعد التحرير (معسكر الصمود) تخليدا لذكرى هذه المعركة.
ومن أولويات سموه طيب الله ثراه حماية الوطن والمواطنين ففي كل مناسبة يلتقي فيها أبناءه الضباط والجنود يحثهم على وضع واجب حماية الوطن والمواطنين نصب أعينهم وأن يبذلوا من الجهد والعطاء ما يتطلبه منهم الوفاء بهذه الأمانة وأن يكون سلاح الإيمان والاستزادة من العمل والإخلاص في التدريب طريقهم إلى المستقبل ليكونوا دائما عند حسن ظن وطنهم الغالي بهم.
وعمل سموه على تطوير الحرس الوطني دائما وظل يستحدث فيه الوحدات ويعمل على توفير كل الإمكانات اللازمة لجعل قادته يواكبون التطور العسكري والتقنية والتكنولوجيا الأمنية الحديثة ليكون أبناؤه على استعداد دائم للدفاع عن وطنهم.
وعرف عن سمو الشيخ سالم العلي رحمه الله طيب أخلاقه وتمثله بقول مأثور “لن تسعوا الناس بأموالكم ولكن ستسعوهم بأخلاقكم”.
كما كان رحمه الله حريصا على تكريم الشهداء لتبقى قيمة الشهادة ماثلة بقوة في وجدان أهل الكويت جيلا بعد جيل فلا يذهب شهيد إلى نسيان وعائلته إلى النكران بل يتساوى الدم من بدايته حتى آخر قطرة فحب الوطن يتطلب التضحية بالروح والدم.