في مسعى للاحتفاء بمسيرة ملهمة ومصير مشترك خليجيا وعربيا تحيي دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة اليوم الاثنين ذكرى اليوم الوطني وقيام الاتحاد تحت شعار (روح الاتحاد) الذي يستحضر اللقاء التاريخي للمؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مع إخوته حكام الإمارات ورفع العلم شامخا إيذانا بقيام الدولة.
وتمثل هذه الذكرى مناسبة تتجدد فيها أواصر العلاقات الثنائية وما يجمع الإمارات ودولة الكويت من تاريخ غني من الروابط الأخوية والروابط الاجتماعية والاقتصادية الممتدة لسنوات طويلة فقد كانت الكويت من أوائل الدول التي أقامت علاقات رسمية ودبلوماسية مع الإمارات بعد قيام اتحاد الدولة في عام 1971 وقد تم افتتاح سفارة الدولة لدى الكويت في عام 1972 فيما تم افتتاح سفارة دولة الكويت في أبوظبي في العام ذاته.
وتم استلهام شعار (روح الاتحاد) من يوم تأسيس الاتحاد في الثاني من ديسمبر 1971 فيما تعود الصورة الأصلية لحكام الإمارات وهم يقفون بشموخ تحت راية علم الدولة الذي رفرف خفاقا في سماء الاتحاد للمرة الأولى معلنا قيام دولة الإمارات العربية المتحدة.
وصدر عن اجتماع عقد في ذلك الوقت بلاغ تاريخي جاء فيه “يزف المجلس الأعلى هذه البشرى السعيدة إلى شعب الإمارات العربية المتحدة وكل الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة والعالم أجمع معلنا قيام دولة الإمارات العربية المتحدة دولة مستقلة ذات سيادة وجزءا من الوطن العربي الكبير”.
ووسط أجواء احتفالية تعم مختلف مرافق وقطاعات الإمارات يستذكر الإماراتيون بكثير من الفخر والاعتزاز ذكرى تأسيسها وتوحيدها بعد انسحاب البريطانيين من منطقة الخليج العربي وعقب سلسلة من الاتفاقات التي أثمرت توحيد سبع إمارات تحت راية واحدة بهدف بناء دولة قوية وموحدة تضمن الاستقرار والتقدم لشعبها.
وبدأت خطوات تشكيل الاتحاد بعد خروج البريطانيين من الخليج العربي وكانت البداية باتفاقية عقدها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مع الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي في فبراير 1968 الذي أرسى الأساس لتوحيد الإمارتين قبل التوجه إلى حكام الإمارات الأخرى للانضمام إلى الاتحاد.
وفي يوليو 1971 تم الإعلان عن تشكيل الإمارات العربية المتحدة بعد اجتماع ضم حكام الإمارات الست الذي توج بإصدار دستور مؤقت وبعد ذلك في فبراير 1972 انضمت إمارة رأس الخيمة إلى الاتحاد لتكتمل الصورة بتوحيد الإمارات السبع.
وبعد إعلان قيام الاتحاد حصلت الإمارات على اعتراف دولي واسع وفي 2 ديسمبر 1971 أصبحت الإمارات العضو الثامن عشر في الجامعة العربية وفي 9 ديسمبر من نفس العام انضمت إلى عضوية الأمم المتحدة كما حصلت الإمارات على عضوية منظمة التعاون الإسلامي العام 1972 وساهمت في تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية في العام 1981 مما عزز مكانتها الإقليمية والدولية.
ويهدف الاحتفال بذكرى اليوم الوطني إلى تعزيز الروح الوطنية والفخر والانتماء كما يعزز هذا اليوم مشاعر الوحدة والتكاتف بين الإماراتيين ويذكرهم بإنجازات الأجداد وتضحياتهم في سبيل تأسيس الدولة كما يعتبر بمنزلة فرصة للتأكيد على قوة الدولة ومكانتها في المجتمع الدولي.
وتحمل هذه الذكرى في طياتها العديد من القيم والأحداث التاريخية التي شكلت أساس دولة الإمارات العربية المتحدة وتعكس قوة الوحدة والتلاحم بين الإمارات السبع ويعزز من شعور الفخر والانتماء بين أبناء الوطن كما تعكس الاحتفالات التي تقام في هذه الذكرى مدى حب الإماراتيين لوطنهم واعتزازهم بما تحقق من إنجازات.
كما يجسد العيد الوطني الإماراتي تجسيدا للوحدة والنجاحات والانجازات التي حققتها الإمارات عبر تلك العقود وتقديرا للتضحيات والجهود التي بذلت لتأسيس الدولة والاحتفاء بالإنجازات المتحققة وأهمية التكاتف والعمل الجماعي في بناء المستقبل ولمواصلة العمل لتحقيق المزيد من النجاح والازدهار.
وتعتبر دولة الإمارات نموذجا رائدا في التنمية والتقدم على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إلى جانب استمرارها في الابتكار والتطور ساعية إلى تحقيق رؤيتها لتحقيق بيئة مستدامة من حيث جودة الهواء والمحافظة على الموارد المائية وزيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة وتطبيق التنمية الخضراء ما يجعلها واحدة من أفضل دول العالم.
ومن أهم الإنجازات المتحققة خلال العقود الخمسة الماضية استمرار النهضة الشاملة في مجال استكشاف الفضاء بدءا بوصول مسبار الأمل الإماراتي لتصبح خامس دولة ترتاد الفضاء لهذه المهمة بعد الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق وأوروبا والهند.
كما حققت الإمارات إنجازا بتشغيلها لأول مفاعل سلمي للطاقة النووية في العالم العربي وهي محطات (براكة للطاقة النووية السلمية) التي تشكل أكبر مصدر لكهرباء الحمل الأساسي الصديقة للبيئة.
كما استمرت الإمارات في تعزيز قطاعها السياحي الذي أصبح ركيزة أساسية في هيكل الاقتصاد المحلي وقد أطلقت الدولة استراتيجية وطنية للسياحة 2030 بهدف رفع مكانة الدولة كأفضل هوية سياحية حول العالم وترسيخ مكانتها كوجهة سياحية رائدة.
وفيما يتعلق بالعلاقات الثنائية عززت الزيارات المتبادلة بين قيادتي دولتي الكويت والإمارات العربية المتحدة العلاقات الثنائية التاريخية بين البلدين الشقيقين وأضفت أبعادا وآفاقا أعمق على الشراكة الاستراتيجية المتجذرة على مدى عقود في عام حافل بالاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مختلف المجالات.
وشكل قيام رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بزيارة دولة إلى دولة الكويت في شهر نوفمبر الماضي خطوة مهمة في مسار تعزيز العلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين الشقيقين التي وطدها حرصهما الدائم على تطويرها في كل المجالات.
وشهد تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الممتد نحو ستة عقود زيارات متبادلة لكبار المسؤولين فيهما استهدفت تطوير العلاقات الثنائية نحو آفاق جديدة واسعة من التعاون المثمر بين الجانبين وتعزيز التعاون والتنسيق حيال الملفات ذات الاهتمام المشترك إقليميا وعالميا.
وازدادت تلك العلاقة رسوخا في ظل القيادة الحكيمة لسمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه الذي زار الإمارات في الخامس من مارس الماضي في زيارة دولة حيث عقد محادثات مع سمو الشيخ محمد بن زايد ال نهيان بحثا خلالها العلاقات الثنائية وسبل تطويرها في المجالات كافة.
وفي الثاني من سبتمبر الماضي زار وزير الخارجية الكويتي عبدالله اليحيا الإمارات العربية المتحدة حيث اجتمع مع رئيس الدولة سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وبحث معه العلاقات الأخوية الراسخة ومسارات التعاون والعمل المشترك وسبل تعزيزها في مختلف المجالات التي تخدم مصالح البلدين المتبادلة.
وافتتح الوزير اليحيا خلال تلك الزيارة بحضور نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد ال نهيان المقر الجديد لسفارة دولة الكويت في العاصمة الإماراتية أبوظبي.
وتتميز العلاقات بين البلدين على المستوى الثنائي أو من خلال مسيرة مجلس التعاون الخليجي وعلى الصعيد العربي بوجود تنسيق متبادل في المحافل الإقليمية والدولية وتبادل وجهات النظر تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك بما يصب في خدمة مصلحة الجانبين وأهدافهما المنشودة ويعزز أواصر المحبة والتعاون ويحقق تطلعات الشعبين الشقيقين.
وتستذكر الكويت بكل الوفاء والتقدير الموقف الرسمي والشعبي لدولة الإمارات أثناء الغزو العراقي للكويت في أغسطس عام 1990 حيث استضافت الإمارات عشرات الآلاف من الأسر الكويتية على أرضها كما شاركت القوات المسلحة الإماراتية في حرب تحرير الكويت.
وتمضي مسيرة العلاقات بين الدولتين نحو مزيد من التعزيز والترسيخ في جميع المجالات بتوجيهات من القيادة الحكيمة فيهما وبما يسهم في خدمة مصالحهما المشتركة وتحقيق الأمن والأمان والتنمية والازدهار في ربوعهما.