خرجت علينا شركة كروكس (Crocs) بتصميمها المطاطي الغريب عام 2002 في شكل نعل مليء بالنتوءات للحماية من الانزلاق، وفوق ذلك فقد انتشر بعدد غير نهائي من الألوان والتصاميم، مما سهل على التجار تقليده بخامات أرخص، لتجد عربات متجولة تعلوها أحذية حمراء وصفراء فاقعة اللون بأبخس الأسعار طريقها للفقراء أصحاب المهن الشاقة.
لكن ذلك الانتشار لم يمنع وصف الحذاء بأنه الأكثر قبحا في العالم، فقد قال عنه أحد المستهلكين لموقع هاف بوست الأميركي (HuffPost) “إنه رائع في حديقة الكلاب أو في الفناء الخلفي للمنزل، ويصعب جدا تنظيف الأحذية الرياضية، فيما يسهل تنظيف هذا الحذاء بخرطوم المياه”.
وكروكس هي شركة عالمية رائدة في الأحذية غير الرسمية للنساء والرجال والأطفال رغم مظهرها غير الأنيق الذي يعرفه المستهلكون ويتغاضون عنه، وتحتوي الأغلبية العظمى من أحذيتها على مادة “كروسليت” (Croslite)، وهي مادة خفيفة الوزن، لا بلاستيكية ولا مطاطية لامتصاص الصدمات، وتم تطويرها لضمان أقصى قدر من التبطين، كما أنها مصممة على شكل خلية النحل المفرغة لمقاومة الرائحة ومنع نمو البكتيريا والفطريات.
ويقف الحذاء الشهير في منطقة محايدة بين كونه خفا وحذاء، حتى التبس الأمر على البعض واعتبروه نعالا للمنزل وحذاء خفيفا لخارجه في نفس الوقت، مما تسبب في موجة انتقادات واسعة من المحافظين على الذوق العام، وواجه الحذاء ومعتمدوه كثيرا من الانتقادات، باعتباره “حذاء يقلل من شأنك”، ولا يمكن أخذ شخص يرتديه على محمل الجد.
وردت الشركة على ذلك بصورة مرحة من خلال شعارات حملتها الدعائية مثل “اكتشف المرح”، و”تعال كما أنت”، لكن الهجمات المتكررة نجحت بشكل ما في التأثير، فانتقل حذاء كروكس إلى جانب بقية أحذيتنا المهملة التي لا يصح الخروج بها.
ولم يتغير الوضع رغم محاولات الشركة إصدار أشكال جديدة مستوحاة من المارشميلو والفواكه، وحتى ربطه بتصاميم من الفساتين للفت أنظار المستهلكين وإثارة الجدل.
وسارت تلك المرحلة ببطء حتى بداية العام 2020، وذلك عندما كانت هي شركة الأحذية الوحيدة التي أعلنت ارتفاع نسبة أرباحها بقوة في الربع الأول من العام، وسط الكثير من العوامل التي أثرت على عمليات البيع بالتجزئة بسبب وصول العالم لذروة انتشار فيروس كورونا، وتراجع عمليات شراء الكماليات كالملابس مقابل شراء الأغذية والمطهرات.
فبعد سنوات من حصره في مكانة أقل ارتفعت نسبة البحث عن الحذاء على الإنترنت حتى 32% خلال أبريل/نيسان الماضي، وزادت المبيعات بنسبة 10% على يد أولئك الذين يسعون للتأقلم مع نمط حياة محدود، والمبرر أنه إذا كانت إمكانية الهرب من اقتناء حذاء كروكس قديما سهلة من أجل الحفاظ على المظهر العام لمحبي الأناقة بات الأمر صعبا اليوم وسط محاولات الكثير التأقلم مع قضاء أسابيع في المنزل.
وعززت الشركة وجودها بين المجبرين على الإقامة في المنزل من جهة، وقامت بالدور الأكبر عندما صدّرت نفسها كصاحبة حذاء الأطباء والممرضين الذين يقفون على أقدامهم لساعات وأيام بلا انقطاع عن العمل، لمنع انتقال فيروس كورونا من المستشفيات إلى منازلهم حيث يعيش أطفالهم وذووهم.
فمع بداية الأزمة الحالية قامت شركة كروكس بعمل تجربة بتوزيع 10 آلاف زوج من أحذيتها كل يوم على الأطقم الطبية مجانا، لكن بعد بضعة أسابيع أعلنت الشركة عن خطط لزيادة تبرعاتها إلى 20 ألف زوج يوميا، بسبب ردة الفعل الجيدة من الأطباء الذين شاركوا صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي بحذاء المرحلة.
وفي تصريح على حسابها الرسمي في موقع تويتر قال المدير التنفيذي للشركة أندرو ريس “سنستمر في الدفع بمنتجنا مجانا للأطقم الطبية يوميا، وستعتمد المدة على مخزوننا، وكمية الطلبات التي نتلقاها، ويمكن للعاملين في مجال الرعاية الصحية التواصل معنا يوميا ليحصلوا على الحذاء”.
ولم تحدد الشركة المبلغ الإجمالي للتبرع به أو عددا معينا من الأحذية، وبدلا من ذلك ألزمت نفسها على موقعها الرسمي بالعمل “بأقصى جهد ممكن لخدمة أكبر عدد ممكن كل يوم خلال هذه الفترة العصيبة، أولئك الذين يعملون بجد لا يصدق لهزيمة فيروس كورونا”.
المصدر: الجزيرة نت