دائمًا يعبر الفن عن الواقع وشخوصه ويقدم نماذج إنسانية نراها تقترب فى أحيان كثيرة من الشخصيات التى نقابلها ونتعامل معها، يعكس صورة للحياة والبشر ويقدمها فى قالب فنى يستلهم صفات الناس وطبائعهم وتفاصيل حياتهم واختلافاتهم.
ولأن الأم التى نحتفل بعيدها خلال شهر مارس نموذج إنسانى ثرى بالمشاعر والحكايات والصفات كان الفن دائمًا وعلى مدار تاريخه يقدم صورًا مختلفة للأم من خلال السينما والدراما والمسرح، فترى شخصية الأم حاضرة فى معظم الأعمال الفنية تحاكى اختلافات الواقع، ما بين الأم البسيطة والارستقراطية، الضعيفة وقوية الشخصية، الحنونة والصبورة والمغلوبة على أمرها والمتسلطة، الساذجة والذكية، مكسورة الجناح ومسلوبة الإرادة والمثابرة العنيدة، مئات النماذج التى جسدها الفن لشخصية الأم وقدمتها الفنانات بطرق مختلفة، بل وكانت الفنانات اللاتى اشتهرن بادوار الأم يقدمن نموذج مختلف فى كل مرة يجسدن فيها هذا الدور.
وكانت الفنانة الكبيرة كريمة مختار من أبرع وأشهر الفنانات اللاتى قدمن أدوار الأم ، حتى وهى فى سن صغيرة وقبل أن تنجب، ورغم أنها أجادت هذه الدور وقدمته فى عشرات الأعمال إلا أنها كانت تضع بصمة مختلفة فى كل شخصية تؤديها، وإن اتسم أغلبها بصورة الأم البسيطة الساذجة، كما أبدعت سواء كانت الأدوار كوميدية أو تراجيدية.
فهى الأم الحزينة التى تعانى من عقوق ابنها فى فيلم وبالوالدين إحسانًا، وهى الأم وربة الأسرة المتوسطة التى عبرت عن كل صفات ومشكلات وحياة الأسرة المصرية فى فيلم الحفيد، وهى الأم المكافحة التى تربى أبناءها وتقاوم الظلم فى مسلسل أصيلة، وهى الأم الساذجة المشغولة بالبيت دائمًا فى مسرحية العيال كبرت، وهى أم موسى نبى الله فى مسلسل محمد رسول الله، وهى الأم الفقيرة التقية فى فيلم الفرح، وهى ماما نونة التى دخلت قلوب الملايين فى مسلسل حمادة عزو، وغيرها مئات الأدوار التى عبرت فيها الفنانة كريمة مختار خير تعبير عن الأم مهما كان حجم الدور، ويكفى أن تشاهد مشاهدها القليلة فى فيلم ساعة ونص لتعرف مدى إبداع الفنانة الكبيرة وقدرتها الغير محدودة فى تجسيد شخصية الأم، وعباراتها التى أصبحت أيقونة يستخدمها الجميع” احنا متشعبطين فى رضا ربنا، احمينا ياارب” وغيرها من عبارات يحفظها الجمهور.
وفى حوار أجريناه مع الفنانة الكبيرة كريمة مختار قبل وفاتها قالت: “اعتدت منذ بداياتى فى التمثيل على أداء دور الأم حتى وأنا صغيرة، وقبل أن أصبح أما حقيقية وكل هذه الأدوار كانت قريبة منى ونجحت نجاحا كبيرا وأعتز بها جميعا“
وتابعت: “بدأت حياتى الفنية قبل أن أصبح أمًا حقيقية بدور أم فى مسلسل “الجنة العذراء” وحقق نجاحًا كبيرًا، كنت أقوم فيه بدور فتاة صغيرة بنت كلاف تزوجها ابن صاحب العزبة، ثم أنكر زواجه منها وعانت معاناة شديدة بعد إنجابها، وطردها أهل قريتها، ونلت جائزة عن هذا العمل، وبعدها انهالت على العروض لأداء دور الأم، وأصبحت أعشق هذا الدور وأشعر أننى لا أمثل وأنا أؤديه فأنا ضد من يقولون إن هذا يحصرنى فى دور واحد؛ لأن كل دور منهم يختلف عن الآخر وقصة كل أم تختلف عن الأخرى.
وأكدت ماما كريمة أن من أفضل الأعمال التى تفخر بها دور أم موسى عليه السلام فى مسلسل محمد رسول الله، لأن الأزهر عندما تم عرض السيناريو وأسماء الفنانين عليه قبل بدء العمل وافق على اسمها، وكانت أول مرة يسمح فيها بتجسيد شخصية أم نبى، وبعد عرض المسلسل قام الأزهر بتكريمها فى احتفال كبير.