تشكل المادة المرئية 16 في المائة فقط من الكتلة الكلية للكون، ولا يُعرف الكثير عن طبيعة بقية تلك الكتلة، التي يُشار إليها بالمادة المظلمة، والأكثر إثارة للدهشة هو حقيقة أنّ الكتلة الكلية للكون تمثل 30 في المائة فقط من طاقته، والباقي عبارة عن طاقة مظلمة، وهي غير معروفة تماماً، ولكنّها مسؤولة عن تمدد الكون المتسارع.
ولمعرفة المزيد عن المادة المظلمة والطاقة المظلمة، يستخدم علماء الفيزياء الفلكية مساحات واسعة النطاق للكون أو دراسات مفصلة لخصائص المجرات، لكنّهم لا يستطيعون تفسير ملاحظاتهم إلا من خلال مقارنتها بتنبؤات النماذج النظرية للمادة المظلمة والطاقة المظلمة، لكن هذه المحاكاة تستغرق عشرات الملايين من ساعات الحوسبة، التي تحتاج إلى أجهزة الكومبيوتر العملاقة.
وباستخدام كومبيوتر «جوليو – كوري» العملاق، تمكن فريق بحثي فرنسي من هيئة الطاقة الذرية والبديلة الفرنسية، وجامعتي السوربون وباريس ساكلاي، من إجراء محاكاة غير مسبوقة لتطور الهياكل الكونية – المجرات والنجوم والثقوب السوداء الهائلة – الذي بدأ بعد لحظات من الانفجار العظيم ويستمر حتى اليوم، وتمكنوا من وصف المناطق بين المجرات التي تمثل 90 في المائة من حجم الكون بدقة غير مسبوقة، ونُشرت النتائج في العدد الأخير من دورية «الإخطارات الشهرية للجمعية الفلكية الملكية».
ويقول تقرير نشره أول من أمس الموقع الإلكتروني لـ«هيئة الطاقة الذرية والبديلة الفرنسية» إنّ الدقة العالية في وصف هذه المناطق منخفضة الكثافة، يعني أنّ المحاكاة كانت قادرة على وصف تراكم الغازات الباردة بواسطة المجرات وتكوين مجرات ضخمة متراصة للغاية عندما كان عمر الكون 2 إلى 3 مليارات سنة فقط، وهو ما يساعد في وضع الأساس لفهم المادة المظلة والطاقة المظلمة، وهذا لم يكن ممكناً إلا من خلال المحاكاة التي ساعد فيها الكومبيوتر العملاق.
ويوفر الكومبيوتر العملاق قوة حوسبة تبلغ 22 بيتافلوب، وتجاوز حجم البيانات الرقمية التي عُولجت 3 تيرابايت في كل خطوة من خطوات الحساب، وصُمم الكومبيوتر بواسطة شركة أتوس لصالح مركز الحوسبة الفرنسية عالية الأداء.