كيف تتغلب على الخوف من الخيار الأفضل؟

في عالم مليء بالخيارات، يعاني كثيرون من ما يُعرف بـ”الخوف من الخيار الأفضل”FOBO، وهي حالة نفسية تؤدي إلى  التردد والقلق عند اتخاذ القرارات.

وعلى عكس “الخوف من تفويت الفرصة”، ينشأ هذا الشعور نتيجة صعوبة الالتزام بقرار معين بسبب احتمال وجود خيار أفضل.

وبحسب تقرير نشره موقع “هافنغتون بوست”، يؤكد الخبراء أن هذا النوع من التحليل المفرط قد يؤثر سلبًا في الحياة الشخصية والمهنية، ما يزيد من  التوتر وعدم الرضا.

نشأة وتأثير الخوف من الخيار الأفضل

صاغ المستثمر باتريك مَكغينيس هذا المصطلح لأول مرة عام 2004 في أثناء دراسته في كلية هارفارد للأعمال، لوصف حالة ذهنية يجد فيها الأفراد صعوبة في اتخاذ قرار نهائي خوفًا من الندم.

وأصبحت هذه الحالة أكثر انتشارًا في العصر الرقمي، إذ تؤدي وسائل التواصل الاجتماعي إلى مقارنة مستمرة بين الخيارات، ما يعزز الخوف من اتخاذ القرار الخاطئ.

وأشار مدرب الحياة توماس سفيتوركا إلى أن هذا الخوف لا يقتصر على القرارات المصيرية مثل المسار المهني والعلاقات، بل يمتد أيضًا إلى اختيارات بسيطة مثل اختيار وجبة الإفطار أو مطعم للعشاء.

ولمواجهة تأثيرات هذه الحالة، يوصي الخبراء باستراتيجيات عملية لتعزيز القدرة على اتخاذ القرار والشعور بالرضا عن الاختيارات:

التعرف على الخوف ومعالجته

تبدأ معالجة هذه الحالة بإدراك وجودها. وقال سفيتوركا: “إذا تُرك هذا الخوف دون ضبط، فقد يتسلل إلى مختلف جوانب الحياة. من المهم التعرف على اللحظات التي تجد فيها نفسك عالقًا بين الخيارات، سواء كانت قرارات كبيرة أو صغيرة”.

فهم أن معظم القرارات ليست دائمة

يمكن الحد من التردد عبر تقييم ما إذا كان القرار قابلاً للتغيير. وعلّق سفيتوركا: “اسأل نفسك: هل هذا القرار نهائي، أم يمكنني تعديله لاحقًا؟”. وأشار إلى أن العديد من الخيارات، مثل تجربة هواية جديدة أو اختيار وجبة، توفر مرونة تساعد في تقليل القلق.

مواءمة القرارات مع القيم والأهداف طويلة المدى

بدلًا من البحث عن الخيار المثالي، ينبغي التركيز على الخيارات التي تتماشى مع القيم الشخصية والرؤية المستقبلية. وأوضح سفيتوركا: “فكر في الخيار الذي يخدم حياتك المستقبلية بشكل أفضل”.

إدراك أن الاختلاف لا يعني الأفضلية

كثيرًا ما يقود الخوف من الخيار الأفضل إلى الاعتقاد بأن البديل قد يكون متفوقًا لمجرد اختلافه. ومع ذلك، أوضح سفيتوركا أن العديد من الخيارات تكون متقاربة من حيث الجودة. وأضاف: “عند التردد بين خيارين متساويين، اختر ما يتماشى مع أهدافك أو اتبع حدسك”.

تجربة الخيارات المختلفة

يساعد اختبار الخيارات المتعددة على الحد من التردد. وأوضح سفيتوركا: “إذا لم تجرب خيارات مختلفة، فستبقى تتساءل عما إذا كان هناك خيار أفضل”.

تقبل الندم كجزء من اتخاذ القرار

قالت ستويمبفيغ: “عقولنا تميل إلى تخيل سيناريوهات بديلة والتفكير فيما كان يمكن أن يكون”. وأكدت أن السعي وراء قرار خالٍ من الندم هو أمر غير واقعي.

 ونصحت بتقبل فكرة أن الشعور ببعض الشك بعد اتخاذ القرار لا يعني أنه كان خاطئًا.

ممارسة اليقظة الذهنية

يمكن أن تساعد تقنيات اليقظة الذهنية في التعامل مع التردد عبر التركيز على الحاضر. وأوضحت ستويمبفيغ: “ينشأ الخوف من الخيار الأفضل من الخوف من الندم المستقبلي، ما يدفعنا إلى أسوأ السيناريوهات الممكنة”.

تجنب الاعتماد المفرط على آراء الآخرين

يلجأ كثيرون إلى استشارة الآخرين بشكل مفرط عند مواجهة التردد، إلا أن المعالجة النفسية ميغ غيتلين حذرت من أن “طلب عدد لا نهائي من الآراء يعكس القلق أكثر من كونه بحثًا حقيقيًا”، واقترحت بدلاً من ذلك الاعتماد على الحدس الشخصي.

الانتقال إلى الاكتفاء بالمناسب

ينصح الخبراء بتبني عقلية “الاكتفاء بالمناسب” بدلاً من السعي وراء الكمال. وأوضحت غيتلين: “الأشخاص الذين يسعون وراء الخيار المثالي غالبًا ما يشعرون بمزيد من الندم وعدم الرضا مقارنة بأولئك الذين يختارون ما يلبي معاييرهم ويمضون قدمًا”.

تقليل عدد الخيارات المتاحة

أكد مَكغينيس أهمية الحد من الخيارات المتاحة، محذرًا من أن “التردد في التخلي عن الخيارات المستبعدة يؤدي إلى البقاء عالقًا في دوامة من الشك”.

ونصح بوضع معايير واضحة لاختيار الأفضل وإزالة البدائل غير المناسبة بشكل منهجي. وأضاف: “قد يكون الأمر غير مريح في البداية، لكنه ضروري للمضي قدمًا”.

استخدام الحسم العشوائي عند الحاجة

بالنسبة للقرارات غير المهمة، يمكن أن يكون للعشوائية دور فعال في تسهيل الاختيار. وأوضحت ستويمبفيغ: “قلب العملة النقدية يمكن أن يكشف عن تفضيلك الحقيقي، فإذا وجدت نفسك تأمل في نتيجة معينة، فربما يكون هذا هو خيارك الأفضل”.

تبني الحسم في اتخاذ القرارات

في النهاية، يتطلب التغلب على الخوف من الخيار الأفضل تغييرًا في العقلية، من خلال التعرف على المشكلة، ووضع إطار واضح لاتخاذ القرار، والتركيز على القيم الشخصية.

Exit mobile version