خلال السنوات الأخيرة، ازداد اهتمام العلماء بدرس تأثير الموسيقى على صحة الإنسان النفسية والعقلية والجسدية بشكل ملحوظ.
ووفقاً لمجلة «التايم» الأميركية، فقد أظهرت مجموعة من الدراسات، أن الموسيقى يمكن أن تحسن المزاج وتقاوم الاكتئاب، وتخفض مستويات الهرمونات المرتبطة بالتوتر مثل الكورتيزون.
علاوة على ذلك، يمكن للموسيقى أيضاً تحسين تدفق الدم في الجسم وخفض مستويات الكوليسترول بطرق مشابهة لما تفعله أدوية «الستاتين»، كما أنها فعالة في تخفيف الألم.
ويقول كيم إينيس، أستاذ علم الأوبئة في كلية الصحة العامة بجامعة ويست فيرجينيا، والذي شارك في دراسة أجريت في 2016 عن فوائد الموسيقى «الاستماع للموسيقى يمكن أن يعزز الحالة المزاجية والرفاهية ويحسن الذاكرة لدى كبار السن الذين يعانون من التدهور المعرفي. فالموسيقى تنشط بشكل انتقائي الأنظمة الكيميائية العصبية وهياكل الدماغ المرتبطة بالمزاج الإيجابي وتنظيم العاطفة والانتباه والذاكرة».
ومن جهته، أكد آلان توري، المدير الإداري لمركز نوردوف روبينز للعلاج بالموسيقى في جامعة نيويورك، أهمية استخدام الموسيقى في العلاج وفي تحسين الحالة الصحية للمرضى.
وأضاف «يبدأ العلاج بالموسيقى بفكرة أننا، بصفتنا معالجين، نتعاون مع شخص يتطلع إلى مساعدة نفسه ليشعر بمزيد من الراحة النفسية أو التفاؤل – أو لاكتشاف مشكلات نفسية يعاني منها دون أن يعرف – وذلك باستخدام الموسيقى».
وتابع توري «يمكن أن يتخذ العلاج بالموسيقى أشكالاً عديدة. أحدهما هو (التصوير الموجّه في الموسيقى)، حيث يساعد معالج مُدرّب الشخص على الكشف عن نقاط قوته أو تحدياته من خلال الاستماع إلى الموسيقى التي يختارها المريض.
كما قد تتضمن الأشكال الأخرى للعلاج الغناء أو العزف على الآلات. فالطريقة التي يعزف بها الشخص الموسيقى يمكن أن تكشف شيئاً عنه يمكن للمعالج أن يركز في علاجه عليه. فمثلاً قد يعزف شخص ما على الطبلة بوتيرة واحدة أو ديناميكية واحدة فقط، وهذا قد يدل على أن الشخص يفتقد إلى المرونة في مجالات أخرى من حياته».
بالإضافة إلى ذلك، فقد كشفت دراسة ألمانية أجريت هذا العام على أكثر من 5000 شخص، عن أن الموسيقى تساعد الناس على تجاوز أوقات الأزمات، مثل أزمة جائحة كورونا الحالية، حيث تقوم بتشجيعهم على السيطرة على عوامل الضغط النفسية والاجتماعية.
وفي دراسة أخرى أجريت عام 2015، قال الباحثون، إن الموسيقى تساعد على التئام الجروح بعد العمليات الجراحية.
وأشارت هذه الدراسة إلى أن المرضى الذين أجريت لهم عمليات جراحية ممن استمعوا للموسيقى قلّت لديهم مستويات الإحساس بالألم والقلق، وانتظمت لديهم ضربات القلب، وانخفض لديهم مستوى ضغط الدم مقارنة بمن لم يستمعوا للموسيقى.
ولكن، على الرغم من ذلك، فقد أكد الخبراء على ضرورة انتقاء الموسيقى بشكل جيد حتى لا تتسبب في نتائج عكسية على الصحة.
وفي هذا السياق، تقول جوان لوي، مديرة مركز لويس أرمسترونغ للموسيقى والطب في نيويورك «الاستماع العشوائي للموسيقى قد يتسبب في مشكلات نفسية وصحية للشخص. فعلى سبيل المثال، قد تؤدي الموسيقى المرعبة أو الموسيقى التي تذكر الشخص بأحداث حزينة مر بها يمكن أن تؤدي في الواقع إلى التوتر والضغط النفسي، بل والاكتئاب».
ومن جهته، يقول دانيال ليفيتين، أستاذ علم النفس في جامعة ماكغيل في كندا، إن الإيقاع والخصائص الأخرى للموسيقى التي نختارها يمكن أن تتحكم في تأثيرها علينا وفي معدلات ضربات القلب ونشاط الشبكات العصبية لدماغنا. ويضيف «إن الموسيقى ذات الإيقاع البطيء تقلل معدل ضربات القلب وتجعل الشخص يشعر بالهدوء بشكل كبير، بينما تميل الموسيقى الفوضوية وذات الإيقاع السريع إلى إحداث تأثير معاكس».
ووجدت دراسة أجريت عام 2015 في فنلندا، أن الموسيقى يمكن أن تعزز المشاعر السلبية – مثل الغضب أو العدوانية أو الحزن – بالطريقة نفسها التي يمكنها بها مواجهة هذه المشاعر، ويعتمد هذا الأمر على طريقة اختيارها.