(د ب أ)- على عكس الاعتقاد الشائع بأن الملابس المستعملة دائما ما تكون مستهلكة وبالية إلى حد ما، هناك في الوقت الحالي مجموعات كبيرة من الملابس المستعملة في حالة ممتازة.
وقد تركت الملابس المستعملة مكانها في سوق السلع المستعملة، منذ فترة طويلة، وتحولت إلى تجارة ضخمة صارت أكثر أهمية، ولاسيما بين قطاع الشباب، بحسب ما تقوله دومينيك إيلين فان دي بول، المؤلفة والخبيرة في مجال الموضة المستدامة.
وتقول فان دير بول: “لم تكن المسألة بهذا الحجم الكبير من قبل”.
وحتى صناعة الأزياء سارعت إلى مسايرة التيار. وقد أضافت عملاقة التسوق الأوروبية “تسالاندو” – وهي شركة ألمانية تعمل في مجال بيع الملابس بالتجزئة عبر الانترنت – قسما جديدا “للملابس المستعملة”، إلى متجرها الإلكتروني.
ويمكن حاليا للعملاء في ألمانيا وإسبانيا وبولندا وفرنسا وبلجيكا وهولندا، بيع ملابسهم المستعملة إلى “تسالاندو”، أو شراء ملابس مستعملة من المنصة الالكترونية.
وفي الوقت نفسه، تتعاون شركة “إتش آند إم”، عملاقة البيع بالتجزئة، مع منصة “سيلبي”، لبيع الملابس المستعملة في السويد، والتي توسعت أيضا ووصلت إلى ألمانيا في العام الماضي.
ومن المرجح أن يكون تفشي وباء فيروس كورونا، أدى إلى تسريع وتيرة التوجه إلى قطاع الملابس المستعملة. وتقول فان دير بول: “أثناء فترة أزمة فيروس كورونا، يقبع الجميع في منازلهم ويمعنون النظر في خزانة ملابسهم… ويشعر الكثيرون باليأس بسبب كمية الملابس التي يرونها أمامهم، ثم يبدأون في فرزها، دون أن يعرفوا أين يمكنهم أن يضعوا كل تلك الملابس.”
ويشار إلى أن أسواق ومحلات بيع الملابس المستعملة، مغلقة حاليا، مما يمنح المنصات الإلكترونية مثل “فينتد” و”ديبوب” و”إتسي” و”ريبيل” و”فيت أونفوج”، ميزة أكبر.
ومن منظور واحد، من الواضح سبب هذا الإقبال الكبير على الملابس المستعملة، ألا وهو الأسعار. وفي بعض الأحيان، تكون الملابس المستعملة التي يتم بيعها رخيصة جدا مقارنة بقيمتها الجيدة جدا، لدرجة يصعب تصديقها. وتقول فان دير بول: “تفقد الملابس المستعملة قيمتها بسرعة كبيرة جدا… وعادة ما يتم إعادة بيعها مقابل جزء بسيط من سعرها الأصلي.”
ومن الممكن البحث عن المنصات الالكترونية الخاصة بالملابس المستعملة بحسب العلامة التجارية، أو اللون، أو حالة الملابس. كما تقول فان دير بول، إنه يجب على مشتري هذه الملابس الاهتمام بالاطلاع على التقييمات التي حصل عليها بائع هذ الملابس من أجل تجنب التعرض للسرقة.
وتعتبر الطريقة الأكثر أمانا للدفع، هي من خلال الأنظمة التي تتمتع بضمان “حماية المشتريِ”، مثل خدمة “باي بيل” لتحويل الاموال عبر الانترنت، والتي تتيح للمشتريِ استرداد ما دفعه إذا لزم الأمر.
ويكمن في الملابس المستعملة ما هو أكثر من الجانب المالي، أي رخص ثمنها.
فمن جانبه، يقول توماس بلانتنجا، الرئيس التنفيذي لموقع “فينتد” الالكتروني الخاص ببيع الملابس المستعملة: “تلبي الملابس المستعملة احتياجات كبيرة: الرغبة في التنوع والتغيير في خزانة الملابس، والرغبة في الاستهلاك بصورة أكثر وعيا”.
وبحسب خبيرة الموضة المستدامة فان دير بول، فإن قضية تغير المناخ أدت بدورها إلى قيام العديد من الشباب بإعادة تقييم سلوكياتهم، مما دفعهم إلى تجربة تسوق الملابس المستعملة لأسباب بيئية.
ومع ذلك، تؤكد فان دير بول أيضا على أن “شراء الملابس المستعملة لا يعني أن يتخذ المرء موقفا تلقائيا ضد الموضة السريعة (وهي تلك التي تعتمد على أحدث صيحات الموضة المعروضة في أسبوع الموضة في موسمي الربيع والخريف من كل عام). فالكثير من الناس ينقلون سلوك التسوق الاندفاعي لديهم إلى عالم الإنترنت.”
كما تنعكس نتائج عمليات شحن الملابس في “البصمة الكربونية”، وهي إجمالي الغازات الدفيئة الناتجة عن الانبعاثات الصناعية أو الخدمية أو الشخصية. فمن الأفضل للمرء أن يتوجه إلى أسواق ومتاجر بيع الملابس المستعملة في منطقته بدلا من طلبها عبر الإنترنت، مما يستدعي شحنها.
وتقول فان دير بول: “يتيح ذلك أيضا إمكانية تجربة ارتداء الملابس هناك، دون أن يستلزم الامر إعادتها إذا لم تلق استحسانا لدى المشتري، مما يساعد في توفير الموارد”.
ويتعين على عشاق الموضة الذين يتطلعون إلى الدخول إلى عالم الملابس المستعملة، أن يدركوا أنهم في كثير من الحالات يشترون من بائع قطاع خاص، مما يعني أنه ليس هناك إمكانية إعادة الملابس غير المناسبة إليه.
ومع ذلك، إذا تبين لمشترِي الملابس المستعملة أن القطعة التي اشتراها غير مناسبة تماما، فإنه مازال بإمكانه محاولة بيعها بنفسه على الإنترنت، أو حفظها لبيعها في فرصة أخرى لسوق الملابس المستعملة.