أظهرت الأبحاث أن ممارسة حرق البخور هي مصدر لتلوث الهواء المحيط، وأن هذه الممارسة قد تكون مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية ووفيات بسرطان الرئة، وسنتعرف في هذا المقال على المزيد من الآثار الجانبية الضارة للبخور، وما هي البدائل العطرية الأكثر أماناً منه.
مم يتكوّن البخور؟
يصنع البخور من مواد طبيعية يمكن حرقها لصنع دخان عطري في أرجاء المكان، وهناك أنواع مختلفة من البخور لها روائح ومواد مختلفة، وبعض الأمثلة هي الأرز أو الورد، وبعض أنواع البخور مصنوع من الراتنجات، والبعض الآخر مصنوع من المساحيق.
بمرور الوقت، تمت إضافة المزيد من المواد إلى البخور لتعزيز رائحته وقدرته على الاحتراق، وربط مواد البخور مع بعضها بعضاً، وبالطبع حتى تحرقها ستحتاج إلى مصدر لهب، مثل قداحة أو أعواد الثقاب، ومجرد أن تضاء نهاية عود البخور – التي يمكن أن تكون مخروطية، أو عصوية، أو دائرية، أو غير ذلك من الأشكال – باللهب يبدأ العود بإصدار الدخان.
تم تصميم الدخان المنبعث لتكون له رائحة زكية، ويمكن أن يحتوي أيضاً على جسيمات يسهل استنشاقها، وقد يكون لها آثار صحية محتملة، إذْ يحتوي دخان البخور على تركيزات عالية من الجسيمات الدقيقة والمتناهية الصغر المحمولة جواً، والملوثات الغازية مثل أول أكسيد الكربون (CO)، وأكسيد النيتريك (NO)، والمركبات العضوية المتطايرة (VOCs) التي تم اكتشافها أيضاً في دخان التبغ.
ماذا يقول البحث العلمي عن حرق البخور؟
يُحرق البخور في العديد من الثقافات لأغراض صحية وحتى روحية، ومع ذلك، تكشف الأبحاث الأخيرة أنه قد يكون سبباً في بعض الحالات الصحية التي نوردها فيما يلي:
1- البخور وخطر السرطان
يحتوي البخور على مزيج من المكونات الطبيعية وغير الطبيعية التي تخلق جسيمات صغيرة قابلة للاستنشاق، وأكدت دراسة أجريت في عام 2009، أن بعض هذه الجسيمات كانت مسرطنة، مما يعني أنها يمكن أن تسبب السرطان.
وجدت هذه الدراسة أيضاً ارتباطاً بين ارتفاع خطر الإصابة بالسرطان واستخدام البخور، ومعظم هذه السرطانات تصيب الجهاز التنفسي العلوي أو الرئة.
وجدت دراسة أخرى أن استنشاق البخور يمكن أن يكون أكثر سرطانية من تدخين السجائر، لكن تم إجراء هذه الدراسة فقط على الخلايا الحيوانية في المختبر.
وقد تم الكشف عن العديد من المركبات السامة والمزعجة في الدخان إلى جانب مركباته العطرية، مما يعني أنه يمكن أن يخلق تأثيرات صحية أخرى أيضاً، وتتضمن هذه المركبات:
الهيدروكربونات العطرية المتعددة.
الكربونيل.
البنزين.
2- البخور وخطر الربو
الجسيمات في دخان البخور لا تحتوي فقط على مواد مسرطنة، ولكن أيضاً على المهيّجات، وهذا يعني أنه يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بعدد من أمراض الجهاز التنفسي مثل الربو.
قامت إحدى الدراسات بتقييم حالة أكثر من 3000 طفل من أطفال المدارس للربو وأعراض الربو وحرق البخور، وكشف الاستبيان عن وجود علاقة بين البخور والربو وأعراض تشبه الربو مثل الصفير، كما ظهر وجود ارتباط بين استخدام البخور وزيادة الحاجة إلى أدوية الربو.
3- البخور والالتهابات
تشير الدراسات إلى أن دخان البخور يمكن أن يؤدي أيضاً إلى التهاب مزمن في الجسم، وأظهرت إحدى الدراسات أنه قد يسبب التهاباً في الكبد أيضاً، وكانت الدراسة محدودة حيث تم إجراؤها على الحيوانات فقط، وقد كان سبب هذا الالتهاب معالجة الجسيمات للمادة في المستقلبات، مما تسبب أيضاً في الإجهاد التأكسدي.
كما وجدت دراسة أخرى أنه يسبب التهاباً في الرئتين، حيث يمكن أن يؤدي حرق البخور إلى تهيج الرئتين. تماماً كما هو حال من يعاني من آلام في الصدر والسعال إذا وجِدَ في مكان فيه الكثير من الدخان، حيث إن دخان البخور الذي يتم تنفسه لثلاث ساعات فقط يتسبب في استجابة التهابية في رئتي الأشخاص، ويرجع ذلك على الأرجح إلى أن دخان البخور يحتوي على مواد كيميائية مثل أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت والفورمالديهايد.
4- البخور والتمثيل الغذائي
قد تؤثر المركبات الموجودة في دخان البخور أيضاً على عملية التمثيل الغذائي، وأظهرت دراسة أجريت على الفئران أن الدخان أثر سلباً على عملية التمثيل الغذائي والوزن؛ حيث تسبب بشكل ملحوظ في فقدان الوزن غير المرغوب فيه وخفض مستويات الكولسترول الجيد.
لكن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لاستكشاف ما إذا كان هذا يمكن أن يحدث للبشر أيضاً.
5- البخور وصحة القلب
كما هو الحال في حالتي الربو والسرطان، ارتبط دخان البخور أيضاً بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، ففي دراسة أجريت على أكثر من 60000 مواطن سنغافوري، ارتبط التعرض طويل الأمد للبخور في المنزل بالوفيات الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية.
6- البخور يؤثر في صحة الفم
في دراسة أجريت عام 2019، تبين للباحثين أنّ حرق البخور يغير الجراثيم الفموية، ومن المحتمل أن يعمل كمؤشر حيوي مبكر للسموم المرتبطة بالبخور والعواقب الصحية ذات الصلة، وعلى الرغم من كونه ملوثاً مشتركاً للهواء في الأماكن المغلقة، إلا أنه لم يتم بعد وضع إرشادات للسيطرة على استخدام البخور.
7- البخور هو نوع من تلوث الهواء
كما ذكرنا أعلاه، في أي وقت تحرق فيه البخور، يتم إطلاق ملوثات خطيرة في الهواء الذي تتنفسه، ويشمل ذلك وجود أول أكسيد الكربون، وهو مادة سامة قاتلة، وقد تتساءل هل يمكن لحرق البخور مراراً وتكراراً أن يسمّم؟ قد لا يكون لهذه الدرجة ولكنه قد يجعلك تصاب بالنسيان والتعب الكثير، وأيضاً، يتم حرق البخور عادة في الأماكن المغلقة، حيث لا توجد تهوية تذكر. أضف إلى حقيقة أن أي نوع من الدخان والأبخرة، بما في ذلك دخان البخور، يعتبر تلوثاً. بما أن تلوث الهواء الداخلي أسوأ بالفعل من تلوث الهواء الطلق، فهل تريد فعلاً إدخال المزيد من الهواء الملوث إلى منزلك؟ وإذا كنت قد تساءلت هل البخور سيء بالنسبة للحيوانات الأليفة مثل القطط والكلاب، فإن الإجابة للأسف هي نعم. حيث إن هذه الحيوانات لديها أنوف حساسة جداً، كما أن رئاتها أكثر حساسية للملوثات، ويمكن أن يسبب استنشاق دخان البخور مشاكل في جهازها التنفسي.
8- البخور يمكن أن يكون أكثر خطورة من دخان السجائر
وجدت دراسة أن تلوث الهواء حول الأماكن، مثل المعابد حيث يتم حرق البخور بانتظام، هو ضار بالصحة. يمكن أن تتسبب ملوثات الدخان في خلل في الجهاز التنفسي وتنتج جسيمات أكثر من دخان السجائر، 45 ملليغراما لكل غرام من عود البخور، مقارنة بـ10 ملليغرامات لكل سيجارة. هذه الجسيمات، وهي مزيج من الجسيمات الصغيرة والقطرات السائلة التي تتشكل نتيجة للتفاعلات الكيميائية بين الملوثات، وفقاً لوكالة حماية البيئة. بمجرد أن يستنشق الشخص الجسيمات، يمكن أن يتأثر قلبه ورئتاه بشكل خطير.
ماذا يقول الخبراء عن مخاطر البخور؟
لقد أخذ الخبراء البحث العلمي عن دخان البخور ومخاطره الصحية على محمل الجد، لذلك فإنهم يوصون المستهلكين بأخذ هذه المخاطر على محمل الجد أيضاً، حيث تؤكد وكالة حماية البيئة الأميركية (EPA) أن حرق البخور داخل المنزل يمكن أن يزيد بالفعل من مخاطر مشاكل صحية معينة، لكن لم تذكر وكالة حماية البيئة المقدار الذي يمكن أن يسهم في هذا الخطر، أو أي قيود على البحث حتى الآن.
ما هي البدائل الصحية لحرق البخور؟
قد يشكل دخان البخور مخاطر صحية، ولذلك لا بد من البحث عن بعض البدائل الأكثر أماناً، والتي لا تكون مرتبطة بزيادة مخاطر المشاكل الصحية أو ضئيلة المخاطر، بحيث يمكن استخدام كل منها لتحسين رائحة الفضاء الداخلي للمبنى بطرق مختلفة كما يلي:
1- الزيوت العطرية والروائح
إحدى الطرق المفضلة لإضافة العطر إلى أي غرفة هي الزيوت العطرية والروائح، ويمكن أن يساعد استخدام زيوت معينة أو مزيج معين من الزيوت في حل المشاكل الصحية، وتحسين مزاجك، وتخفيف القلق، والمساعدة في مشاكل النوم وغير ذلك، كل ذلك من دون مواد كيميائية أو مكونات سامة.
الطريقة المفضلة لاستخدام الزيوت العطرية لإضافة رائحة جميلة إلى المنزل هي استخدام ناشر الروائح، وأضف الزيت المفضل لديك وبعض الماء وستحصل على غرفة تعبق بالعطور الجميلة خلال دقائق.
2- أضف نباتات منزلية إلى منزلك
يمكنك أن تحصل على فائدة مزدوجة عندما تستثمر في بعض النباتات المنزلية؛ ليس فقط لأن رائحتها جميلة وتبدو رائعة، ولكنها أيضاً تعمل مرشحا (فلتر) للهواء. هذا صحيح، بعض النباتات ممتازة في إزالة المواد الكيميائية والمركبات الخطرة من الهواء.
أفضل النباتات المنزلية التي تزيل تلوث الهواء تشمل نباتات البروميلية ودراسينا والعنكبوت. كما يمكنك أيضاً وضع الأعشاب الطازجة في جميع أنحاء المنزل، مثل النعناع والريحان والكزبرة. حيث إن رائحتها جميلة ويمكنك أكلها في النهاية.
المصدر: صحتك