رغم عقود من البحث، لا تزال الفروق بين أدمغة الذكور والإناث موضع نقاش علمي، حيث تُظهر الدراسات أن أدمغة البشر لا تأتي في شكلين مميزين تمامًا.
ووفقًا للدكتور أرمين رزنَهان، رئيس قسم الجينوم العصبي التطوري في المعهد الوطني للصحة العقلية، لا يوجد قياس محدد للدماغ البشري يمكن من خلاله التمييز بين الجنسين بشكل قاطع، كما ينقل موقع “Live Scince”.
ومع ذلك، تلعب العوامل البيولوجية والبيئية دورًا في كيفية تطور الأمراض العصبية والنفسية بين الجنسين. فالنساء أكثر عرضة للاكتئاب والصداع النصفي، في حين أن الرجال لديهم معدلات إصابة أعلى بالفصام والتوحد ومرض باركنسون.
وهذه الفروق دفعت العلماء إلى البحث عن أساسها البيولوجي عبر تقنيات متقدمة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي.
وقد اعتمدت دراسة نُشرت عام 2024، على تحليل صور دماغية لأكثر من 1,000 شاب تتراوح أعمارهم بين 22 و37 عامًا باستخدام نماذج ذكاء اصطناعي، وتمكنت هذه النماذج من تحديد جنس صاحب الصورة بدقة تتراوح بين 92% و98%، استنادًا إلى اختلافات دقيقة في المادة البيضاء، التي تربط بين الخلايا العصبية.
كذلك، فإن أبحاث أخرى وجدت اختلافات في حجم بعض مناطق الدماغ بين الجنسين. فالرجال يمتلكون ثَلاموسًا وبوتامِن أكبر، بينما لدى النساء حجم أكبر للنواة المتكئة والحُصين، وهي مناطق مسؤولة عن الذاكرة والمكافأة. لكن هذه الاختلافات ليست كافية لتمييز دماغ الذكر عن الأنثى بشكل قاطع.
وعلاوة على ذلك، وجدت دراسة أُجريت على أكثر من 500 رضيع حديث الولادة أن أدمغة الذكور أكبر بنسبة 6% من الإناث، حتى بعد احتساب الوزن عند الولادة. كما تبين أن للإناث نسبة أعلى من المادة الرمادية مقارنة بالمادة البيضاء، وهي سمة تستمر حتى البلوغ.
ويبقى السؤال الأهم: إلى أي مدى تؤثر هذه الفروق على الإدراك والسلوك أو القابلية للإصابة بالأمراض؟ ويسعى العلماء لفهم هذه الاختلافات من خلال دراسات طويلة المدى تشمل تتبع تطور الدماغ منذ الطفولة وحتى البلوغ، وهو ما قد يساعد مستقبلًا في تحسين العلاجات الطبية وتفسير التباينات في الأمراض العصبية والنفسية بين الجنسين.