في حُكم قضائي بارز، من شأنه أن يُعيد النظر في قضايا الجرائم الإلكترونية المنظورة أمام محاكم الجنح، قضت محكمة التمييز الجزائية برئاسة المستشار أحمد العجيل، باختصاص محكمة الجنايات ومحكمة الاستئناف الجزائية بنظر جرائم تقنية المعلومات، وفق نص المادة 24 من قانون المطبوعات والنشر، التي تنص على اختصاص محكمة الجنايات بنظر جرائم النشر.
وقالت المحكمة، رداً على طعن مُقام من النيابة العامة على حكم محكمة الاستئناف الجزائية، بنظرها لإحدى جرائم تقنية المعلومات، إن الحكم أخطأ باختصاص محكمة الاستئناف الجزائية بنظر القضية، وبانعقاد الاختصاص لمحكمة الجنح المستأنفة، وان هذا النعي غير سديد.
وذكرت «التمييز» في حيثيات حكمها، أن المادة الحادية والعشرين من القانون رقم 3 لسنة 2006 بشأن المطبوعات والنشر، حظرت في فقرتها السابعة نشر كل من شأنه المساس بكرامة الأشخاص أو حياتهم أو معتقداتهم الدينية، كما نصَّت الفقرتان الأولى والثانية من المادة 24 من القانون ذاته على أن «دائرة الجنايات في المحكمة الكلية هي المختصة بنظر جميع الدعاوى الجزائية المنصوص عليها في هذا القانون، وتستأنف أحكامها أمام محكمة الاستئناف…».
وأضافت المحكمة: «التهمة الثانية المسندة إلى المطعون ضدهم، وهي نشر عبارات من شأنها المساس بكرامة المجني عليه، ينطبق عليها نص المادة 21/ 7 من القانون رقم 3 لسنة 2006 سالف الذكر، وقد ارتبطت ارتباطاً لا يقبل التجزئة بالتهمتين الأولى والثالثة، وعليه فإن دائرة الجنايات بالمحكمة الكلية تكون هي المختصة بظر الدعوى، ومحكمة الاستئناف تكون هي المختصة بنظر الاستئناف على الحكم الصادر منها، عملا بحكم المادة 24/ 1- 2 من القانون سالف الإشارة إليه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ولم يخالفه في شيء، ويضحى منعى النيابة العامة في هذا الصدد غير سديد».
وكانت النيابة العامة وجهت للمتهمين الثلاثة تهم تعمُّد الإساءة للمجني عليه عن طريق استعمال وسيلة من وسائل الاتصالات (هاتف)، بكتابة تغريدات مسيئة له على النحو المبيَّن بالتحقيقات، وأنهم نشروا تعليقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي – تويتر- تضمنت عباراة من شأنها المساس بكرامة المجني عليه على النحو المبيَّن بالتحقيقات.
فيما وجهت للمتهم الثالث تهمة أنه أسند للمجني عليه بوسيلة علنية، هي برنامج التواصل الاجتماعي «تويتر» على الشبكة المعلوماتية، واقعة تستوجب عقوبته على النحو المبيَّن بالتحقيقات.
وطلبت النيابة عقابهم بالمادة 209 من قانون الجزاء وبالمادتين 21/ 7 و3/270 من القانون رقم 3 لسنة 2006 بشأن المطبوعات والنشر، والمادة 70/أ، ب من القانون رقم 37 لسنة 2014 بإنشاء هيئة تنظيم الاتصالات وتقنية المعلومات، والمادة 6 من القانون رقم 63 لسنة 2015 بشأن مكافحة تقنية المعلومات.
وكانت محكمة الجنايات قضت ببراءة المتهمين من التهم المنسوبة إليهم، وتم تأييد الحكم أمام محكمة الاستئناف الجزائية، فطعنت النيابة على الحكم أمام محكمة التمييز.
وقالت النيابة العامة في عريضة طعنها أمام محكمة التمييز إنها تنعي على الحكم المطعون فيه، أنه إذ قضى بتأييد الحكم الابتدائي، القاضي ببراءة المطعون ضدهم من تهمتي نشر عبارات من شأنها المساس بكرامة المجني عليه وإساءة استعمال وسائل الاتصالات الهاتفية، وببراءة المطعون ضده الثالث من تهمة القذف العلني، قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أسس قضاءه ببراءة المطعون ضدهم على انتفاء القصد الجنائي، في حين أن أدلة الثبوت تقطع بتوافر هذا القصد، لشواهد عدَّدتها الطاعنة، وأن ما أوردته المحكمة من أسباب لحكمها لا تكفي مسوغاً لانتفاء القصد الجنائي في جريمة نشر التغريدات مثار الاتهام، والتي من شأنها الإساءة للمجني عليه، فضلا عن أن محكمة الاستئناف أصدرت الحكم المطعون فيه دون أن تكون مختصة بنظر الدعوى، تأسيسا على أن النيابة العامة أحالت المطعون ضدهم لمحكمة الجنح، لكون الواقعة تشكِّل جنحة، والمؤثمة بنص المادة 209 من قانون الجزاء، ومن ثم تكون محكمة الجنح المستأنفة هي المختصة بنظر الاستئناف، مما يعيب الحُكم، بما يستوجب تمييزه.
وسيفتح الحكم الصادر من محكمة التمييز، في حال استقراره، اختصاصا لمحكمة الجنايات، بنظر قضايا جرائم تقنية المعلومات التي تقع في شبكة التواصل الاجتماعي المتعددة، ومنها: «تويتر» و»إنستغرام» و»سناب شات» والمواقع المتاحة للعامة.
وسبق لمحكمة الجنح المستأنفة قبل عامين إصدار حُكم مشابه، لكن النيابة طعنت عليه أمام محكمة جنح التمييز، التي قضت باختصاص محكمة الجنح بنظر جرائم تقنية المعلومات، وليس دوائر محكمة الجنايات، على سند أن قانون جرائم تقنية المعلومات رقم 63/ 2015 أحال في المادة 6 منه للمحظورات والعقوبات الواردة في قانون المطبوعات والنشر رقم 3/ 2006، ولم يحل إلى الاختصاص لدوائر الجنايات بنظر قضايا جرائم تقنية المعلومات، التي تُعد من اختصاص محكمة الجنح.