مسئول أمريكي: الكونجرس بحاجة لوقف الاتفاق مع إيران

شهدت الفترات السابقة عدة أمثلة لتجاوز السلطة التنفيذية في الولايات المتحدة، ممثلة في صلاحيات الرئيس، للسلطة التشريعية التي يمثلها الكونغرس بمجلسيه، ما أثار علامات استفهام من قبل بعض المحللين حول مدى رسوخ النظام الدستوري المعمول به في البلاد.

ويقول الدبلوماسي الأمريكي السابق بيتر هويكسترا، في تقرير نشره معهد جيتستون الأمريكي إن: “الولايات المتحدة بدلاً من أن تحافظ على وضعها كجمهورية، تتراجع نحو الملكية”، مستنداً في ذلك إلى تقرير صدر عام 2020 عن الباحث في معهد كاتو آنذاك تريفور بوروس، الذي أشار إلى أن الاتجاه المستمر للتمددات الواسعة للسلطات الرئاسية يؤدي إلى تآكل صلاحيات السلطة التشريعية.

واستدل بوروس على ذلك بمثالين أولهما هو نظام يسمى “أيها الزميل” يعود إلى عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، وهو خطاب من المؤسسات الأكاديمية التي يجب أن تجري تغييرات على كيفية التعامل مع مزاعم الاعتداء الجنسي وخفض معيار الإثبات، والثاني هو فرض الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018 لرسوم الصُلب باسم الأمن القومي، وهو قرار تم تأييده في المحكمة.

سلطات رئاسية
ويرى هويكسترا أنه تاريخياً، كان من الممكن مناقشة هذه الأنواع من القضايا بقوة في الكونغرس، ثم يقوم مجلس النواب ومجلس الشيوخ بتمرير تشريع يحدد إطار عمل هذه القضايا، ومن الناحية الدستورية، لم يتم تحديد القرارات الحيوية للحكومة بجرة قلم من الرئيس، من دون إجراء من الكونغرس من نواب الشعب المنتخبين رسمياً.

وأوضح أن هذا الاتجاه لتوسيع السلطات الرئاسية استمر في عهد الرئيس جو بايدن، حيث حاول في الآونة الأخيرة، تنفيذ برنامج ضخم للإعفاء من القروض الطلابية، لكن الكونغرس أعاد تأكيد سلطته بشكل متجدد، إذ أصدر مجلس النواب قراراً لمنع جهود بايدن لإلغاء القروض الطلابية.

وبعد بضعة أسابيع وفي 30 يونيو (حزيران) الماضي، أقرت المحكمة العليا الأمريكية بأن برنامج الإعفاء من القروض الطلابية الذي اقترحه بايدن كان بالفعل تجاوزاً للسلطة الرئاسية، وفي حكم أقرته أغلبية من هيئة المحكمة بواقع 6 أعضاء مقابل 3، قررت المحكمة أنه بموجب القانون، لم يكن لدى الرئيس القدرة على إلغاء ما يصل إلى 430 مليار دولار من قروض الطلاب.. وأيد القرار الفصل بين السلطات المنصوص عليها دستورياً.

تجاوز السلطة التشريعية
كما حدد القرار أن تشريع الكونغرس الذي تم تمريره سابقاً ليصبح قانوناً، وقرار الرئيس من جانب واحد بأن التشريع منحه السلطة، لم يمنح في الواقع السلطة التنفيذية السلطة الشاملة التي حاول الاستيلاء عليها من خلال برنامج الإعفاء من القروض.. والجدير بالذكر أن قرار المحكمة العليا حافظ على ضوابط وتوازنات القوى بين فروع الكونغرس والسلطة التنفيذية للحكومة.

ومن خلال معالجة الاتفاق النووي الإيراني الذي لم يخمد بعد، يمكن للكونغرس استعادة بعض سلطاته المنصوص عليها دستورياً من خلال الإصرار على مراجعة الخطوات الأولية المتخذة بشأن أي اتفاق إيراني من قبل الكونغرس، ثم متابعته بإجراءات قوية، كما دعا بقوة رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب مايكل ماكول.

ويرى هويكسترا أن رسائل التحذير إلى السلطة التنفيذية ليست سوى أداة واحدة لدى الكونغرس، في جعبة أدواته للسيطرة على تجاوزات السلطة التنفيذية، خاصة عندما تكون هذه الرسائل مدعومة بـ “سلطة الإنفاق” للكونغرس.

ويعني هذا أن كل الإنفاق الاتحادي يجب أن ينشأ في مجلس النواب، ولا يمكن إنفاق أي دولارات اتحادية حتى يتم تمرير التشريع من قبل هيئتي الكونغرس وتوقيعه ليصبح قانوناً من قبل الرئيس، ويضيف هويكسترا أنه “من المؤسف أن الكونغرس سمح لسلطته بالتآكل من جانب السلطة التنفيذية لعقود مضت، ولم يحرس سلطته بشكل كاف في ظل كل من الإدارات الجمهورية والديمقراطية”.. وأشار إلى أن هذه الأمثلة على السلطة الرئاسية المسيطرة أو المؤثرة يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في الأشهر المقبلة.

وسائل استثنائية
وتردد أن بايدن قد يكون على وشك وضع اللمسات الأخيرة على “اتفاقات” مع إيران بشأن تبادل للأسرى، مقابل 6 مليارات دولار من أموال النفط الإيرانية المجمدة، وأن يحصل برنامجها النووي بشكل مشروع على أكبر عدد ممكن من الأسلحة النووية كما يحلو لها، بحسب ما يراه هويكسترا.

وقال إنه “يجب أن يكون الكونغرس قلقاً بشكل خاص من أن الإدارة الأمريكية قد تستخدم وسائل استثنائية لتجاوز وتنفيذ اتفاق نووي من دون مراجعة الكونغرس، كما هو مطلوب بموجب القانون الاتحادي في قانون مراجعة الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015”.

وأقر هذا التشريع مجلس النواب بـ 400 صوت بـ “نعم” مقابل 25 صوتاً بـ “لا”، وأقره مجلس الشيوخ بتصويت 98 عضواً مقابل رفض عضو واحد، وهو رد قوي بشكل ملحوظ من الحزبين يشير إلى دعم عميق من قبل الكونغرس، لممارسة دوره الصحيح في المعاهدات والاتفاقيات الدولية.

وفي حين أنه من غير الواضح في هذا الوقت ما إذا كان سيكون هناك اتفاق جديد بين الولايات المتحدة وإيران على المدى القريب، فمن الواضح تماماً أن الكونغرس يريد ويحتاج إلى لعب دور في أي اتفاق مستقبلي.

دور الكونغرس
وبالنظر إلى عدم اليقين بشأن ما إذا كان بايدن سيتبع خطوات المراجعة المحددة والمطلوبة في قانون مراجعة الاتفاق النووي الإيراني، فقد حان الوقت الآن للكونغرس لتأكيد نفسه بشكل كامل وقوي في هذه العملية.

ويجب على الكونغرس أن يشير، بشكل واضح وعلى الفور، إلى أن أي انتهاك متصور لقانون مراجعة الاتفاق النووي الإيراني سيتم مواجهته بأقوى السبل الممكنة بموجب الدستور، من خلال الاستخدام الكامل للمحاكم.

وأخيراً يرى هويكسترا أن الاتفاق الإيراني المحتمل الذي أشار الكونغرس بوضوح إلى أنه يريد رفضه، هو فرصة مثالية له لإعادة تأكيد بعض السلطة التي تخلى عنها أو فقدها، ويقول إنه “للتأكد من إسماع صوته، يحتاج الكونغرس إلى البدء بشكل عاجل في الاستعداد للمعركة التي قد تنشب بين السلطتين التنفيذية والتشريعية”.

وخلص إلى أنه يجب على الكونغرس أن يمنع قرارات الأمن القومي الرئيسية من أن يتم فرضها من جانب واحد من قبل “رئيس إمبريالي”.

Exit mobile version