آراء

مقالات | التأثير المعاكس عبر “السوشيال ميديا” بقلم: جاسم الجاسم

التأثير المعاكس عبر (السوشيال ميديا)

غابة محترقة وأرض خصبة:

لا أظن أني بحاجة في مقدمة هذا المقال إلى شرح قوة تأثير الإعلام الحديث عبر شبكات التواصل الاجتماعي ومدى قربها للجماهير كافة صغيرها وكبيرها، بل أكاد أكون كمن ضيع وقته ليثبت بالتجربة أن النار تحرق ورق الشجر، فالأمر بات حقيقة مسلّمة تدركها الحكومات الذكية لمدى قوتها وخطورتها وسرعة اشتعالها وحرقها للأفكار والأشخاص… أو كزرع بذرة فكرية في عقول خصبة لم يمسسها علم سابق بتلك الحقيقة فهي لا تفرق بين الخبيث والطيب وخاصة إذا كثر الخبيث وانتشر فصارت ظاهرة طبيعية فأثمرت أزهارا بها أشواك سامة في تلك الحديقة!

مرآة جديدة ليست كمثلها مرآة:

ما أود كشف ستره مع شمس نهار الخميس الموافق 15 من مارس عام 2018م حقيقة التأثير المعاكس للحضارة والثقافة وما الذي كسبناه وما الذي كسبه منا الآخرون، قد اكتشفت وجود مرآة غريبة لا نرى فيها إلا الغرب ومرآة لا يرون فيها إلا الشرق فهي مرآة خالفت طبيعتها باختراع البشر ولأول مرة يكون اختراعا بالصدفة، فبالنسبة لنا فهي لا تعكس صورتنا الحقيقية وهم كذلك لم تعد تعكس صورتهم، فصارت لوحة العالم مقلوبة عكست الأدوار فيها وانقلبت الأفكار عليها والليل أصبح في النهار! هذا كله رأيته وأدركته بلمسة واحدة لأحد الصور الثابتة عبر “اليوتيوب” لمقطع أسقط عليّ بمقاطع تلو الأخرى حتى توقفت ساعة المشاهدة لأرصد وأحلل لك هنا وأعبر عن تلك الظاهرة الغريبة وعن ذاك الاختراع العجيب فإليك ما يلي…

أجنبية اشتهرت بالحجاب وعربية تشتهر بالدعوة لخلعها:

العنوان الفرعي كما يبدو لك نعم إنها شخصية أجنبية أسترالية ذات بشرة بيضاء من أصول أيرلندية اسمها (باريس أميليا) تحكي قصة ارتدائها للحجاب أول مرة وانبهارها به بطريقة مفعمة بالحيوية والسعادة إذ أنها لم تكن مسلمة آنذاك وهي تتحدث في مقطعها المسجل عبر قناتها وكأن الأرض لا تحملها من شدة الفرح، وعلى الرغم من فرحها ذكرت معاناتها مع أهلها إذ أنهم يعتنقون الديانة الكاثوليكية المتشددة ولكن بحجة حرية الاختيار سمحوا لها في النهاية؛ لأنها لم تعد قاصرة فهي تتحكم باختياراتها، ولم يكن أهلها العائق الوحيد فقد كان مجتمعها ينظر إليها بغرابة واحتقار كيف لبيضاء العرق مثلك أن ترتدي الحجاب مما يدل أنك لست من أصول إسلامية بحسب نظرتهم (الشيكسبيرية) فائقة الذكاء، وبدأت تبدي نصائحها للفتيات وتخبرهن ألا يكترثن بنظرة الآخرين بسبب تشويه الإعلام لصورة الإسلام وأن الحجاب وحده لا يكفي لتعديل سلوك الإنسان فعليكن أن تطهرن أخلاقكن وأفكاركن عقلا وجوهرا أيضا لنيل رضا الله، هذا باختصار شديد قصة تلك الأجنبية فماذا عن العربية الدكتورة التي زعمت جهلا واستكبارا أن الحجاب في الكويت ما تم ارتداؤه إلا بعد  الغزو! أقول للدكتورة: كفاك عبثا وتلويثا لعقول فتياتنا ولتكوني وحدك الجريئة التي خلعت حجابها فأنت في غنى عن حمل ذنوب الآخرين، فكفي شرّك وتعلمي من تلك الفتاة الأسترالية التي خرجت من المسيحية ودخلت الإسلام رغم الظروف التي واجهتها في بلد ينظر إلى العفة نظرة مزرية متخلفة وينظرون للتعري على اعتبار أنهم في قمة الحضارة وهما وهم في أسفلها!

بريطاني يعلم اللغة العربية وأخرى تحث على تعلمها أولا:

لست ممن يدعو إلى الاكتفاء بتعلم لغة واحدة فإني إلى جانب عشقي للغة العربية تعلمت الإنجليزية بشكل جيد وحاولت تعلم اليابانية لحاجة في نفسي وتعلمت الروسية للسياحة إذ أنهم لا يتحدثون بلغة ثانية هناك على الأغلب، ولكني أشدد اللهفة وأحث الرغبة لكل ناطق بالعربية أن يركز أولا على لغته ليس فقط حفاظا على الهوية وأنها لغة القرآن العظيم ولعمق تاريخ لغتنا، بل لأن هؤلاء الغرب أدركوا قبل العرب جمال لغتنا حتى أن كوريا الجنوبية أدرجت تخصص اللغة العربية في إحدى جامعاتها والاهتمام بالسياح العرب، ومما يزيد ضرورة الاهتمام بالعربية أنها مفتاح لتعلم أكثر اللغات كما أشارت إليها (ليندزي ويليام) عبر مقطع 9 أسباب لتعلم اللغة العربية، ومما أثار الدهشة البريطاني (مايك) الذي درس وتعلم لغتنا هنا في الشرق الأوسط بدولة الكويت ودبي، فنقل تجربته عبر اليوتيوب كما أنه مارس التعلم عن طريق مقطع كرتوني بالعربية الفصحى ليحاول إتقان ما تعلمه بل بدأ يحاول تعليمها لغيره فتأمل! فمتى نصحو من غفلتنا كمهتمين ومعتنين بأغلى وأثمن ما نملك؟!

المتأثرون بنا يتحدثون عنا والمتأثرون منا يتحدثون عنهم:

إن كنت تظن أن خارطة التأثير مرتكزة فقط علينا نحن في الشرق الأوسط فأنت مخطئ، فإن الإعلام الحديث (السوشيال ميديا) أدخل الحضارات والثقافات على بعضها فصار كل إنسان مجرب يقوم برفع تجربة السياحة أو الدراسة وعن مدى امتزاجه بحضارة الدولة التي يكون فيها، ودليل التأثر والذي غالبا يكون بالمخالطة أكثر من 40 يوما يبدو عليه كصديقنا السابق (مايك) إذ يذكر في قناته رمضان وعن فوائد الصيام وأنه يصوم في كل شهر يوما أو يومين مع تنبيهه أنه ليس بمسلم، وفتاة اسمها (جيدي لوكاس) تتحدث عن تجربة زواجها من رجل مسلم عربي ذي أصول لبنانية وأنها تشعر كونها فردا من العائلة وتقول أن العائلة العربية متماسكة بعكس عائلتها الأجنبية المتفرقة، وتبدي إعجابها بطبخ والدة زوجها وأنها تساعدها، أما المتأثرون منا فمنهم من صار يقبل في التطبيع العلمي مع الكيان الصهيوني لأنه مبتعث في دولة تعترف بها كدولة وحسبي هذا القدر من الكلام وأترك مهمة التأمل لك في الختام… والسلام!

جاسم الجاسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى