#مقالات | دانة محمود النوري .. تكتب : الأثر السحري”
قد يبدو الأمر جنونيا بعض الشيء إذا ما أخبرك أحدهم بأنه “يشكر” قهوته لأنها ساعدته على التركيز في صباح ذلك اليوم، وآخر “يودع” سيارته مربتاً عليها قبل دخول المنزل. ذلك ما يسمى “الامتنان”، إنه تعبير عن شعور عميق بأهمية وجود الطرف الآخر في حياتك مقابل العطاء الذي يمنحك إياه، سواء كان الطرف الآخر إنسان أو حتى شيء مادي.
يمكنك الإفصاح للطرف الآخر عن التقدير الذي يكنه قلبك بأشكال عدة قولاً أو فعلاً أو كتابةً، فقد تقول لشريك حياتك “شكرا” مصحوبة بابتسامة نابعة من القلب مقابل أمر بسيط قدمه لك، أو أن تمسح بحنو على رأس طفلك وتقبل جبينه لأنه حاول “بشخبطاته الطفولية” أن يرسم لوحة تعبيرية تضمكما، أو قد ترسل رسالة نصية لزميل العمل تعبر عن مدى تقديرك للمساعدة التي قدمها، أو قد تنفض بلطف الغبار الذي غطى مجموعة كتبك.
إن الاهتمام الحقيقي الذي تحمله والممزوج بإحساس عارم من التقدير لقاء ما يقوم به الطرف الآخر، إنما هو الامتنان الذي يترك أثره السحري على الطرفين.
عندما تعبر عن إحساسك لقهوتك التي أمدتك بالطاقة والتركيز في ذلك الصباح، وسيارتك التي أقلتك من مكان لآخر على مدار اليوم، ودولاب ملابسك الذي يحوي كل ما هو رائع، حتى وسادتك التي تفرغ عليها أفراحك وأحزانك وأحلامك، إنك بذلك تستشعر حقيقة الرضا عن نفسك وعن كل ما حولك.
الأمر أشبه ما يكون ببناء هرمي، فإنك إذا ما وضعت في قاعدة “هرم الامتنان” الشعور بالرضا أدى ذلك بك إلى الاستقرار النفسي الذي يولد السعادة التي بدورها تجعلك أكثر تقبلا وأكثر مرونة مع تقلبات الحياة مما ينعكس إيجابيا على صحتك العامة.
في المقابل عندما يتلقى الطرف الآخر رسائل الامتنان التي أرسلتها، فإنه سيستشعر أولا مدى التقدير الذي تكنه له، ثم سيشعر بالرضا عن نفسه وعما قدمه، والذي بدوره يشعل الحماس لديه ويحفزه ليقدم أفضل ما عنده، وبالتالي ستلوح السعادة في الأفق حتماً.
إن الأثر السحري للامتنان لا حدود له، فتلك الابتسامة لشريك حياتك، وتلك القبلة على جبين طفلك وتلك الرسالة “الالكترونية”، قد تبدو جميعها أمور بسيطة وعابرة، إلا أن لها أثر كبير. من بين الآثار المتعددة للامتنان، أنه يعزز العلاقات بين الأفراد ويحسن من السلوك الاجتماعي الإيجابي ويشيع البهجة والفرح.
دانة محمود النوري