آراء

#مقالات | د.هادي عواد العنزي: “التاءات الخمس”

الحمد لله والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين، أحبتي في الله..

يجول في خاطري دائما، و ربما في خواطر بعضكم هذا السؤال؟

لماذا لا يُحترم الوقت في عالمنا العربي والاسلامي؟

وبداهة سيكون لكل واحد منكم إجابته الخاصة به وأسبابه في عدم احترام الوقت، او اغتنامه بالصورة المثلى، وربما اذكر بعضاً من هذه الأسباب على سبيل المثال لا الحصر، بغية الاستفادة وتلافيها إن امكن، مع محاولة ربطها بجائحة كورونا، ما استطعت إلى ذلك سبيلا إن شاء الله:

1: افتقار الكثير منا لخاصية استشعار المحاسبة من الله، لتضييع اوقاتنا وأعمالنا، وفي ظل هذه الأزمة، ورغم بقاء الغالبية في بيوتهم، واستثني من ذلك من حباهم الله بمحبة التطوع لخدمة الناس، ولكن الكلام موجه للكثير منا، خاصة من الذين يقضون غالب وقتهم إما بالتسمر امام شاشات (المرناة) التلفزيون، ينتقلون من قناة لأخرى، بين أخبار ومسلسلات او غيرها، وهي لا تسمن ولا تغني من جوع، أو النوم لساعات طويلة، او بهلع تسبب بمزاحمة الآخرين في قضاء حوائجهم في المفتوح من اسواق الغذاء، حتى دون حاجة حقيقية، و في غير أوقات الحظر مخالفين تعليمات وتوجيهات خلية إدارة الأزمة، والجميع يعلم بأن اي ثانية تمر من عمرنا، لن تعود وسيحاسبنا الله عنها يوم القيامة.

2: قد يكون لطبيعة الوقت غير المحسوسة، وهذه مصيبة يعاني منها غالب الناس إلا من رحم الله، فلو كانت أموالا تجنى، او ساعات دوام مدفوعة الأجر، او ساعات حظر تجول، لانتبهنا جيدا للبداية والنهاية.

3: تربيتنا وثقافتنا الشعبية، اذ لعبت دورا مهما في ضياع اوقاتنا وأعمارنا، ولعبت “سوف واخواتها” دورها في هذا الشأن، وكذلك التواكل الذي يمارسه البعض، فاصبح شعارهم و ديدنهم.

4: عدم الاهتمام في بدايات ونهايات الاعمال، سواء على مستوى الأسرة، او حتى المنشأة، او المؤسسة، نظرا للافتقار للتخطيط المسبق لأي نشاط، او عمل، لاستثمار الوقت الضائع في مثل هذه الأزمة، او غيرها.

5: ما سبق ربما هو نتيجة للجهل بأهمية الوقت في غالب مجتمعاتنا، رغم مانملكه من مصادر رائعة تولي للوقت أهميته، ومن هذه المصادر القرآن الكريم، ولاحظوا معي أحبابي، إن كل عاداتنا كمسلمين، تبدأ وتنتهي بوقت، وتفقد أثرها الايجابي إن لم تؤدى بوقتها، خذ مثلاً لذلك، فالصلاة جعلها كتابا موقوتا، فيقول سبحانه، “إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا”، والصيام، فنهى الله صيام الدهر وفرض شهراً، وحبب النبي – صلى الله عليه وسلم – في ايامٍ، كسنن ونوافل، والحج بوقت، فحدد أشهر الحج، والزكاة، عبر الميعاد ووقت. وتعظيما لأهمية الوقت، أقسم رب العزة والجلالة به، فقال عز من قائل، على سبيل المثال: “والفجر وليال عشر” وأيضا: “والعصر..” و “و الضحى..” وغيرها، وكذلك فإن السنة النبوية حثت في كثير من الأحاديث بالتشديد على الوقت، وأن اول ما يسأل ضمن ما يسأل العبد يوم القيامة عن أربع، منها عمره (وقت) فيما ابلاه، وقس على ذلك من أحاديث، وكذلك كان للسلف الصالح قصصا وحكايات تروى حول حرصهم على اغتنام أوقاتهم.

6: عدم وضوح أهداف أو رؤية أو رسالة المؤسسة، أو الأسرة، او الفرد، حول استثمار الوقت المتاح، هذا إن لم تكن معدومة أصلا!، وفي هذه الجائحة يشتكي الكثير من الناس من الملل والوقت الطويل، فيما اتجه الكثير لاستثمار وقته وأطلق العنان لطاقاته الإيجابية الإبداعية.

7: ضعف الهمم لدي الغالبية من القائمين او العاملين على ادارة منظومة ما، رغم المقولة العربية الشهيرة “الهمة قمة” لأسباب قد تكون تنظيمية، او انعكاسات سلبية لمواقف واتجاهات بعض القادة والمسؤولين، وفي مثل هذه الأوقات والأزمات، نحن بحاجة ماسة ليشحذ كل منا همته لاستثمار وقته فيما ينفع مجتمعه، وأسرته، وينفعه شخصيا في الدارين.

8: إن أكبر المصائب هي سيطرة مضيعات الوقت على التصرفات، كالاصحاب والرفقاء المحبطين في مثل هذه الأزمات، وقبل هذه الجائحة، وكان البعض يتحجج بفوضى المناسبات الاجتماعية، واليوم اختفت تماما، بعدما منعت من قبل السلطات المختصة، وحسنا فعلت، لخطورتها بإنتشار هذا الوباء، وهذه إيجابية تدفع بنا لتحسين قدرتنا على تنظيم وتوجيه واستثمار أوقاتنا، على الاقل تلك التي كانت تستنزفها فوضى المناسبات.

إن هذه الأسباب مجتمعة او متفرقة او غيرها، لابد أن نتلافاها على المستوى الفردي او المؤسسي، عبر ما يمكن أن نطلق عليها حزمة “التاءات الخمس” في إدارة اوقاتنا وهي:

تحديد الأهداف.

ترتيب الأولويات.

تخطيط الزمن.

تفويض الأعمال.

تقويم الأداء.

وإن امهل الله للعمر بقية، سأحاول الحديث عنها، وإن كانت واضحة، طمعا في الأجر من الله، هذا ما احببت قوله، فان أصبت فمن الله وحده، وإن أخطأت او قصرت فمن نفسي ومن الشيطان، سائلا المولى سبحانه وتعالى أن يغفر لنا ولكم، وأن يرفع عنا هذا الوباء، وغيره من الابتلاءات عن وطننا خاصة، وعن البشرية جمعاء.

د.هادي عواد العنزي

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى