آراء

#مقالات | سوسن إبراهيم: “الآخر”

اطردوا هذه الفئة، اقتلوا تلك الأقلية، اقمعوا أولئك النسوة، انتزعوا هؤلاء المارقة من بينكم..”

والكثير من خطابات الكراهية تُطلق في أنحاء العالم كل يوم لأن البشر أجناس وأعراق مختلفة ولذلك فهملا يطيقون العيش معا. النزعة العنصرية متغلغلة جدا بنسيجهم البشري والفكري الى الحد الذي أطبق على أعينهم فلم يعودوا يروا إلا غبشًا اسود، تعزلهم بجماعات محددة ومحدودة تشترك بنفس الفكر والمنطق “الأعوج”.

العنصرية القبلية والطائفية والطبقية والجندرية وغيرها من الأيدولوجيات يتخذها البعض حُجّة لي ُقصي الآخر.

ولن تنتهي هذه القائمة السوداء، فالعالم مشبع بما يكفي بالعنصريات المقززة والمعادية للآخر والتي تؤكد على معنى أن الانسان كائن شرير سادي وكافة الحروب والمصائب تنبع منه وحده والطبيعة بريئة منه.

الكره والحب نقيضا بعضهما ولكنني أختلف مع ذلك وأؤمن بأن الكره والتقبّل هما نقيضا بعضهما. ليس عليك ان تحبني ولكن عليك ان تتقبلني كما أنا!

بلا خلفيتي الدينية أو البقعة الجغرافية التي أنتمي لها أو حتى جنسي او عرقي الذي أنحدر منه او ما هي القضايا التي أؤمن بها.

المشكلة لدينا: بأن خطابات الكراهية مُلقوها يفتقدون حس التحاور والنقاش وبالتأكيد تقبل الآخر ولذلك فهم أصحاب عقول دوغمائية متشددة ومتطرفة لا تقبل إلا بالخضوع والقبول لمبادئهم مهما كانت.

للأسف فمادام يعتقد بأنه من جنس متفوق واعلى شأنا سيظل يحترق بنار الحقد ويظل أعمى البصيرة ضاربا بمعتقدات الأخر عرض الحائط.

شخصيا، لست من الذين يتفاعلون بمواقع التواصل بشكل مباشر ولكنني من حين لأخر أتصفحه بعجل وكل ما ألاحظه فيها هو ما يكشف مدى شيوع التعصب بين الأفراد.

مواقع التواصل الاجتماعي الآن عرّت الفكر الجامد والمتطرف وأصحاب المعتقدات الرافضة للاختلاف والتي تقصي وتنبذ من يجاهر بآرائه المعارضة.

كل ما هنالك هي مضاربات شفهية وقذف بأعراض وعراكات بالألسن وخطابات تُحرض على العنف والكراهية اتجاه الآخر ومازال هناك الصراع الجندري الذي يرفض تفوق الآخر عليه.

وصراعات لن تنتهي بعد. حقيقة، لا أعتقد بأن الافراد هم من يعانون من هذه المشاعر المضطربة وحدهم بلا تدخل ولكن الاعلام هو من وجههم بداية ولقنهم ليروا الآخرين عبيدا او ضئيلين وهم بهذه الترهات يتعملقون ويزدادون ضخامة وعنصرية.

يقول أستاذ اللسانيات والفيلسوف الأمريكي نعوم تشومسكي: طالما أن عامة الناس لا يعلمون أو غير مبالين أو تم تحويلهم إلى النزعة الاستهلاكية أو الكراهية والانشغال بإقصاء بعضهم البعض، عندها يمكن للأقوياء أن يفعلوا ما يحلو لهم، وسوف يُترك أولئك الباقون على قيد الحياة للتفكير في نتائج واقعهم.

من حق الاخرين ان يختلفوا مع معتقدات الاخر او آرائه ولكن ليس من حقهم مهاجمتهم لها ولاتباع مذاهب او سياسات تختلف عن نهجهم. لأن ببساطة وكما يُقال: الاختلاف لا يُفسد للود قضية او هذا ما يجب أن يجري.

واقعيا، ليس هناك حل جذري لوقف هذه الخطابات المُقصية والتي تنبذ المختلف، لأن اغلب هذه الأفكار تمت برمجتها بعقول بعض المجتمعات، وسيحتاجون جهودا كبيرة وحقيقية ليكسروا الأغلال من أذهانهم ويتعلموا بشكل ذاتي وجدي بأن اتخاذ القرار وتبني سياسية ما، هي حق مشترك وان الحوار لغة الحضارة ولغة ترسم ملامح البيئة التي يدافع عنها بشراسه.

 

سوسن إبراهيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى