آراء

#مقالات | سوسن إبراهيم .. تكتب : “عندك واسطة؟”

لن تُعين بوظيفة هذه الأيام إلا مع وجود واسطة” _محسوبية_ تعينك على الانخراط في سوق العمل لأنه ومع شهادات تقديرك ومؤهلاتك الأكاديمية لن يحالفك الحظ إذ لم تكن صاحب علاقات اجتماعية واسعة ومهمة توصلك لمراكز مرموقة.

ولأن الواسطة ليست مرتبطة بالعمل الميداني وحده بل تمتد الى مجالات كثيرة. سترى بأنها تشمل معاملات كثيرة كالحصول على مناقصة مثلا أو إجازة قيادة أو حتى للاستفادة من أمر ما والعديد من الأمور التي قد تحتاج لجهود تُبذل في سبيلها. والتي بسببها قد يُحرم أفراد أكثر كفاءة واستحقاق. وشيوع هذا الفعل القبيح بين أوساط المجتمع لا يقتصر تأثيره على المدى القريب بل وعلى نشأة الأجيال القادمة بل وتهيئتهم ليكونوا أكثر كسلا وتنمرا باعتبارهم جنس متفوق على الآخرين.

فهي تعتبر أزمة اجتماعية ضخمة من فداحتها أصبحت من مسلمات الحياة ومن المواضيع المستهلكة التي لا تثير التعجب أو الاستغراب. فمن فداحة هذه الأزمة أنها أصبحت سلوكا يتداوله الجميع ويتناقله الأفراد وينصح به إذا ما تعطلت الأحوال. إلى حد ان بعض الناس حللوا هذا السلوك وأرجعوه إلى أن الحاجة تبيح المحظورات متناسيين بذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، والْحَرَامَ بَيِّنٌ، وبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاس .. 
دليل على أن هذا السلوك ينافي العقيدة الإسلامية لما فيه من تجاوز لحقوق الآخرين وبما انه يضر بأناس أكثر كفاءة.

وقوله تعالي في محكم التنزيل: {وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ}؛ برهان واضح على افتراء هؤلاء من يُجمعوا على ان الواسطة فعل كغيرها من أفعال المساعدة الاجتماعية التي لا يؤثم مقترفه. ولكن لابد أن نفرق بين الشفاعة أو الواسطة التي لا تضر ولا تعتدي على أحد والواسطة بمعناها الأكثر انتشار ألا وهو التعدي والتجاوز على حقوق الآخرين.

بالحقيقة لن تختفي الواسطة بمعناهاالسلبي _ أو كما يقال عنها فيتامين واو في بعض مجتمعاتناالعربية_ بسهولة لأنها متغلغلة في نسيج المجتمع ومتداخلة مع بيئته التي ترعرع فيها، لذلك فهي بحاجة إلى قوى وطنية وتكاتف مجتمعي يتعاضد ضد هذا الفساد المدقع لكي تنعم أجيالنا القادمةبحياة أفضل ونزيهة بعيدة عن المصالح الذاتية والتكتلات الدخيلة، ولكي يصبح مجتمعنا مجتمع نظيف لا يقبل التجاوز.

بالمناسبة أحتاج إلى إنهاء معاملة معلقة لشهور، عندك واسطة؟!

سوسن ابراهيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى