آراء

#مقالات | فاطمة المزيعل: “ظلام مجاور”

يقال: «الحياة قصيرة، لكن المصائب تجعلها طويلة»، فلذلك مهما كان قصرها، ومهما كبرت مصائبها، حاول ان تعود نفسك على أن تتأقلم على كيفية العيش فعليا لا نظريا بها، وان تتخذ من عصارة ماضيك سواء سيئا كان أم حسنا، مسلكا تتحكم انت فيه، لا يتحكم هو بك، كي لا تقتل تلك الروح الحقيقية التي بداخلك، ومن ثم تتوه في مسارات عشوائية غير متوقعة.

لكن عش بها مفوضا، متوكلا، قانعا وراضيا، بمسراتها، بأفراحها وأحزانها، عش بها بعاطفتك، بسجيتك، على طبيعتك، دون ان تنسى كبح نفورك وجماحك.

ولا تأخذها على محمل الجد واليأس والبؤس دائما، وان كثرت خيباتك، كي لا تبتعد منها تدريجيا وتنطوي، فتهمل من بعدها نفسك وذاتك.

فكل ما تريده رهن إرادتك وإصرارك، وفي النهاية والأخير، الأمر راجع لك، والمهمة عليك، إن لم تصمد طويلا أمامها فسينقلب رأسا على عقب منهاجك، ولن تعرف أبدا، ما الغاية في هذه الدنيا من وجودك، وما أولى أولوياتك.

وكما قال الشاعر أبومسلم البهلاني:

نسعى إليها على علم بسيرتها ونستقر وان ساءت مساعيها

تنافس الناس فيها وهي ساحرة بهم وهمهم ان يهلكوا فيها

فلا تقف مكتوف الأيدي أمام حقيقة وهمية انت من اختلقها، كي لا يزداد شرود ذهنك وضياعك.

وكن شخصا متصالحا غير منافق مع نفسك، شخصا لا يحقد أو يحسد، لا يكره او يمقت، لا يخدع أو يتخابث.

كي لا تختلط عليك الكثير من الأمور، فتتأذى منها وتعاني، ومن ثم تتخبط هنا وهناك الأفكار في رأسك وتوترك.

هذا وبخلاف بأنك ستفقد لذة حياتك، مستنفدا كل ما في وسعك وطاقاتك، وانت تضيعها على أمور عقيمة مليئة بالمجاملات الكاذبة، والإطراءات المبالغة، عديمة القيمة.

فنحن نعلم كم من السهل جدا أن نغرق أنفسنا في تلك المآسي والأحزان، الصغيرة منها قبل الكبيرة، والتي قد تجعل من نطاقنا ضيقا ومحدودا، ذلك ومن خلال تصرفاتنا وردود أفعالنا.

ولكن الأهم من ذلك كله، هو أن نستبصر في حالتنا، ونتمعن جيدا بها، وما سيأتي من بعدها، كي لا نخرج من ظلام إلى ظلام مجاور.

 

فاطمة المزيعل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى