آراء

#مقالات | ليلى الزاهر .. تكتب : “رحلة جميلة”

في رحلة جميلة لي بالحافلة جلستْ بجواري امرأة أعجبتني في حفاظها على البنية الجسديّة والفكريّة لأبنائها الصغار .

كانت تضع بجانبها حقيبة امتلأت بمستلزمات الرحلة التي قد تستغرق عشر ساعاتٍ . وبينما كان الأطفال الذين يرافقوننا ينزلون من الحافلة للتبضع بأسوأ أنواع الحلويات كان طفلاها يتمتعان بألذِ شطائر خبز الشوفان بالبيض ، وبينما كان أطفال الحافلة يستمتعون بالتهام ( بيضة كندر )

كانت تطعمهم التمور المحشية بأنواع المكسرات المفضلة لديهم .

ومن أجمل مقتنياتها علب سلطة الفاكهة المحلاة بعصير الأناناس التي كانت تخرجها بين حين وآخر كوجبة خفيفة لطفليها.

خجلتُ من نفسي عندما أعطيتُ أحد هذين الطفلين علبة بسكويت ليشكرني بذوق : أنا لا آكل هذا المنتج .

حقيقة أعجبتني هذه التربية باعتمادها على الطبيعة البكر في غذائها المتوازن بينما نفتقدها نحن في تربية أطفالنا الغذائية.

وكلما انطلقت بنا الحافلة لمكان جديد رأيتُ الطفلين يقتنيان تذكارا جميلا من المنطقة ويتجاذبان أطراف الحديث بمواضيع شيقة تكبرهما سنًّا .

لقد اختارت جارتي في الحافلة مجموعة قصصية جذابة بألوان جميلة زاهية تُلفت الانتباه بل تثير إعجاب الكبار قبل الصغار لترافق طفليها عبر رحلتنا الجميلة .

لم أكشف لكم بعد عن هويّة تلك المرأة لقد كانت امرأة بسيطة موظفة في قطاع حكومي في بلدها وعندما رُزقت بطفليها حملت أمانة على عاتقيها بأنها سوف تُخرجهما قدر المستطاع شابين جسورين فكريّا وجسديّا .

هي المربية ، هي المُلهمة ، هي المدرسة ، هي الأم الصالحة .

تحلّقنا حولها وهي تتحدث ، بحق رسمت مشهدا أنيقا يلّفُ مسرح الكلمات لأنها أرادت أن تُشيّد لنا قصرا أنيقًا عن عالم الطفولة قائلة :

للطفولة عالمها القوي الممتع ، إن غرسته بقوة اشتدّ عوّده أما إذا نشأ ضعيفا سوف يكون مجموعة إنسان يحمل قيما هابطة .

إن خطوط التواصل مع الأطفال مفتوحة دائما وتستطيع تبادل الأحاديث معهم بسهولة ، ورمي جميع البذور الصالحة في جعبتهم لتخرج ثمارا يانعة .

لاتستطيع المرور صوْبهم إلا جمالهم حاصرك ببراءة نادرا ماتراها عند الكبار

‏أكاذيبهم جميلة لأنها أحلام تريد الخروج لأرض المواقع ، يمتلكون قيما تفوق السمو ، حروبهم دون نيران مشتعلة ،

‏كلماتهم عبق يتناثر هنا وهناك .

‏لامحال أن تراقص جمالهم ويُحلق بيتهوفن في ملكوتهم .

‏لقد ختمت حديثها قائلة :

يبدو لي أن جميع الأبجديات تعجز عن توصيف حبي لهم فهل فهمتم لما أنا أراعهم بحبّ.

لذلك كانت بعض الكلمات نِتاج مواقف إنسانية لابد أن تسجل إعجابك بها عند المرور بها .

‏ليلى الزاهر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى