#مقالات | منيفة العازمي: “عندما يبتسم القدر”
عندما تحدث لنا أشياء تعتبر فوق العادة أو فوق تصورنا الطبيعي ، نجزم بأن القدر قد ابتسم لنا والأمثلة كثيرة لأنها لا تحدث الا مرة في العمر أو هكذا نحسبها ، ولأنها تكون مفرحة ولأنها خاصة بنا جداً ولأنها لا تأتي الا بعد عمر ولا تحدث الا بعد انتظار طويل جداً ، فهي مميزة بوقوعها وجميلة جداً بأثرها .
وردات فعلنا مختلفة كثيراً فمنا من يتفاعل معها بكل الحب والفرح ومنا من تلجمه السعادة عن أي فعل كان الا أن يبتسم ويقول جازماً بأن القدر قد ابتسم له ، فالحصول على الاموال الكثيرة ” سعادة ” لمن افتقد وجودها وكان في أمس الحاجة اليها، والتشافي من الامراض الخطيرة ” قمة الفرح ” خاصة اذا كان قد يأس الاطباء من علاجه ، التخرج من الدراسة وأي مستوى تعليمي هو ” هدف ” يسعى الكل لتحقيقه خاصة لمن كان تحصيله العلمي ضعيفاً ، والكثير مما يمر علينا من أعمال وأفعال تدرج أصحابها ممن قد ابتسم لهم القدر .
فالافلام الترفيهية مثلاً تصيغ الكثير من القصص التي تصور الاحداث بأنها غير اعتيادية وبأن “القدر قد ابتسم لهم” ولكن ليس الكل متقن لما يصوره ويصنعه فهو في نهاية الامر هو خيال المؤلف وصنعة المخرج وبراعة الممثلين ، فكثير ما اشاهد الافلام التي تظهر الامور بخلاف حقيقتها مظهرة السعادة في ” كثرة الأموال ” مثلاً أو في الحصول على قلب فتاة جميلة أو التخلص من معضلة لم يتوصل لحلها الا الممثل المختار لأداء ذاك الفيلم لتوصيل رسالة مفادها ” القدر قد ابتسم له ” .
ان الارتباط ممن يهواه قلب الفتاة بلا شك هو رزق سماوي ولكن هل يشترط أن يكون كامل المواصفات والأحوال حتى تعتقد الفتاة أنها هي الوحيدة المحظوظة بين بنات جنسها ، هل لابد من توافر النقود حتى تنعقد به سعادتها ، أو أن يكون ابن رجل قد ذاع صيته وارتفعت ارصدته في البنوك .
ان ما نراه الآن من دعوة البعض ممن ينادي باختيار المادة قبل كل شي آخر هو محض ظلم في حق الكثير من الرجال ، فقد تتوافر كل الصفات الا أن يكون مالكاً لحفنة من المال فهل يعقل أن يرد أو يصد ؟؟!!!
إن الخلط بين الواقع والمادة الفلمية هو تلاعب في عقول الكثير من الفتيات خاصة في زماننا هذا الذي تغلب عليه المظاهر والماديات ، فالفتيات في زماننا هذا معرضات للغسل الذهني الواضح من المناداة بالحصول على المادة قبل أي شيئ ، أما نحن فقد تربينا على أن الأخلاقيات والتخلق الديني هو أفضل ما يتزين به الرجال فكيف تأمن فتاة لأي رجل لا دين له ولا خلق ؟؟؟ !!!
في نهاية الامر الدنيا ممر عبور وليست مقر استقرار ، فلكل شيئ نهاية ويجب أن تعرف كل فتاة مع من تريد أن تكمل مشوار حياتها ، ومع من تريد أن تصنع مستقبلاً مشرقاً ، فالمادة لا شك بأنها تعين على قضاء الحاجات ولكنها أبداً لا تصنع السعادة .