#مقالات | منيفة العازمي: “لياقة”
هل الابتعاد عن الكتابة لفترة من الزمن يحتاج للياقة ذهنية ورفع الذائقة الكتابية عند كل من أراد الكتابة ؟؟؟ أو أن من كان لديه شغف الامساك بالقلم ليخط خواطره ويضع مشاعره ويسطر أفكاره لابد أن يكون حائزاً على مهارات كامنة داخلية تظهر حال النظر في الأسطر الماثلة أمامه ، ولعل الكتابة سر من أسرار كل كاتب لا يعرف تفاصيلها الا من حاز تلك الموهبة ومن كانت لديه تلك الملكة!.
إن الكتابة حالة متغيرة من حين إلى آخر وهي ظاهرة بأشكال مختلفة بحسب مزاجية الكاتب ورؤيته الشخصية وتبنيه لفكرة أو لأخرى ونظرته الأدبية المتفردة ، ولاشك عندي بأن كل كاتب يضع بالحسبان قناعة الرأي العام في قضية ما ويستشف بذكاءه الفردي مواضع التوجيه الصحيح لقضيته.
إن الكتابة لا تخلو من الجمال المطلوب في أسلوب الكاتب وانتقائه بكلماته وقيادته لحروفه للإبداع في قراءة كلماته ونسج الصور الأدبية الجميلة لتزيد من قوة صياغة الموضوع وجماليته.
إن الكتابة علاقة أبدية لا تنفك أبداً بين الكاتب والكتابة بل هي حالة من الزيادة المتتالية كلما انتهى من موضوع بدأ بالآخر بكل حب وبكل اهتمام وبكل دافع يقوي من عزيمته ويزيد من ” لياقته ” الأدبية مما يثري رصيده من المواضيع الشائقة ومما يزيد ويقوي من براعته في سبك الموضوع وسرده من البداية إلى النهاية بنفس القوة وبنفس الاحتراف وينثر بعبقريته المشاعر المناسبة لكل فقرة ليتمتع القارئ بالمحتوى .
إن لياقة الكاتب مطلوبة ومرادة وهي التي تبني العلاقة الخفية بين كل قارئ وكل كاتب ، فهي السحر المنثور بين خفايا الأسطر وهي العطر المنسكب بين ثنايا كل كتاب ومقالة ، وهي البصمة الفردية الغير متكررة من كاتب لآخر وهي الحبل المتين الذي لا ينقطع بطول السنين بل يزداد قوة وثباتًا وتجدداً كلما تعاقبت عليه السنين والايام .
إن لياقة الكاتب لا تعرف إلا المزيد ولا ترقى إلا بالكثير ولا تقف لحد أو تصطدم بخط نهاية بل تزداد وتقوى بالممارسة وتنثر عبيرها كلما ازداد الكاتب رغبة للعودة للكتابة وكلما أكثر الإمساك بالقلم كلما قاده الإحتراف للإبداع ، ودفعته المحبة للكتابة للعثور على نوادر لم تكتب وخواطر لم تحكى ومواضيع لم تطرق للحديث عنها أو تصويرها وإن تكررت المسميات .
إن الكاتب المبدع لا يعرف الابتعاد وإن أراد ذلك لأنه كلما غاص في بحر الكتابة كلما ذاق حلاوتها واشتاق لعذوبتها وحن لشعوره بلذة الخروج بدرر من الحروف والكلمات والعثور على المواضيع الخاصة التي تحاكي كل قارئ بلسان حاله وكأنه المعني بذلك ، وكلما تكرر اللقاء بالكتابة كلما تفنن الكاتب في رسم اللوحات الأدبية الراقية لأنه كلما تمكنت منه الكتابة كلما ازدادت نظرته الفنية ألواناً مبهجة من الصياغة الأدبية .
إن لكل كاتب لياقة خاصة وسراً أدبيًا خاصًا به وأدوات فردية يتعامل معها ويألفها وتعرفه وتقوده للمزيد كلما أمسك بالقلم أو خط الكلمات بالورق ، إن الكاتب الحقيقي لا يعرف الابتعاد ولا يعتاده ولكنه قد يتعرض للعرقلة الغير دائمة بكسل مؤقت أو إعراض عن الإمساك بالقلم برغبة الصيام عن الحديث لأمر أو قضية لا يحمد عقباها ، وقد يتعرض للهجوم بدوافع لم تنكشف أو لتحبيط بموهبته لمجرد الانتقاد مما يعرضه للإحباط أو الترك المؤقت ، إن الكتابة داء لا علاج له وهي محبة أبدية وهي لياقة تحتاج العناية بها فهي لا تقف لأي عائق ولا تختفي لأي رغبة ولا تنتهي بذهاب صاحبها .