آراء

#مقالات | نور حفيظ العجمي: “ناقد أنت أم ناصح؟”

يعمل البشر يوميا بكل جد و اجتهاد، يسهرون الليالي ويتصدون للعقبات، يضحون بالراحة و يستغنون عن المتعة، للوصول إلى النجاح، فإن حققوا ما قد ابتغوا بحثوا بكل شغف عن رأي الآخرين عن هذا الإنجاز ؛ فصاحب المشروع التجاري يترقب إقبال الآخرين له و رأيهم بما يقدم ، و الكاتب يتلهف لتعليقات الناس على ما كتب، و الحاصل على شهادة أو ترقية ينتظر مديح من حوله على إنجازه.
البحث عن الثناء جبلّة جُبِلَ عليها الإنسان وهو طبع له ، فمن منا مَن لا يطربُ للمديح ؟
ولكن دعونا نطرب له ولا نبحث عنه ، فإرضاء الناس غاية لا تدرك فاجعلها غاية تُترك.

راقب نفسك ولاحظ رأيك في الآخرين هل هو نقد أم نصح! ، فمن ينقد لمجرد النقد و البحث عن السلبيات يعبر عن ضعفٍ في الشخصية و نقصٍ في الثقة ، فهو يجعلك في قائمة الناس الخطر في القائمة التي يُفضل اجتنابها ، لا تؤذِ غيرك لمجرد إيذائه أو لشعورك بالغيرة منه، ولكن حسّن من نفسك وحقق ما ترغب به لتُعجب بنفسك وتفرح لغيرك ، قال محمد عليه أفضل الصلاة و السلام (إن شر الناس عند الله منزلةً يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره) ما أجمل أن يقال عنك “عفيفٌ لسانه و ليس سليطٌ لسانه”.

إن التقييم المستمر للفرد نظام دقيق يجعلك تتطور ، ومن يفقده أو يرفضه لابد له حتما من الإنهيار والإنتكاسة في مسيرته .
لذا من الجيد تصفُح ما يُقال لك ، فتعرف إن كان هذا النقد حقيقة أم رأي !

قد يكون نُصحٌ لك لتتقدم و تتحسن فيكون نقدٌ مرٌ طعمه نافع وقعه ، ولا يَفُتْكَ أن تميز الناقد فقد يقول ما يقول لغاية في نفسه تجعله يشعر بتحسن حين ينال من إنجازك لأن تقدمك يُشعره بتأخره ، أما هذا فلا تعره أي إهتمام واعلم أنه في النهاية مجرد رأي و ليس كل رأي صائب ، فكما يُقال من عرف الناس استراح فإن ميزت الناصح من الناقد المؤذي اجتنبت الكثير من الألم، و احذر أن تكون ضعيفا تتأثر بكل ما يقال لك وكن صلبا متحصناً جداره النفسي مرتفع جدا ، فالجدار القصير يا عزيزي يَسْهُل قفزه.

همسة :
أولا : في المدح يكون الذبح فلا تكن متسولا للثناء ، تبحث عن تقديرك لذاتك من خلال رأي الآخرين بك.
ثانيا : إن كنت ناقداً فكن صادقا في رأيك ، واتقِ الله فيما تقول ، فإن كان رأيك حقيقة صدرها ولا تُخفيها واختر الأسلوب المناسب حتى لا تؤذ غيرك وكمال قال رسولنا الكريم (إياك وما يُعتذر منه).
أخيرا : إن التفكر مرآة تُريك حسناتك و سيئاتك ومهما وصلت من العلم فإنك تفتقر للكثير ، كن ذا صدرٍ رحب يتقبل انتقاد غيره ، يأخذ ما ينفعه و يترك ما يضره.

في الختام النقد حاله كحال كثير من الأمور له وجهان ، فاحرص حين استخدامه أن تحقق منه غايته السامية ، وحاول أن تكون ناصحا لا ناقدا .

 

نور حفيظ العجمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى