يعتمد أكثر من 3 مليارات شخص في العالم على الأسماك للحصول على البروتين الحيواني الحيوي، وقد سجّل استهلاك الفرد من الأسماك في جميع أنحاء العالم رقماً قياسياً جديداً بلغ 20.5 كيلوغراماً سنوياً، ومن المتوقع أن يزداد ذلك في العقد القادم، وهو ما يؤكد على دور الأسماك الحاسم في الأمن الغذائي والتغذية في العالم.
هذا بحسب تقرير جديد صدر عن منظمة الزراعة والأغذية (الفاو) حول حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية لعام 2020 والذي رصد تزايد إنتاج واستهلاك الأسماك، وسلط الضوء على الإمكانات الواعدة لإجراءات الاستدامة.
ووفق التقرير، من المتوقع أن يرتفع إجمالي إنتاج الأسماك إلى 204 مليون طن في العام 2030، أي زيادة بنسبة 15% عن عام 2018، مع زيادة حصة تربية الأحياء المائية من هذا الإنتاج، والتي تبلغ حاليا 46%. وبحلول عام 2030، من المتوقع أن يبلغ متوسط استهلاك الفرد السنوي من الأغذية السمكية 21.5 كيلوغرام.
وقال تشو دونغ يو، المدير العام لمنظمة الفاو “إن الأسماك ومنتجات مصايد الأسماك هي من بين أكثر الأغذية الصحية على وجه الأرض، وهي من المنتجات الأقل تأثيراً على البيئة الطبيعية،” مشدداً على أن هذه المنتجات يجب أن تؤدي دوراً محوريا في استراتيجيات الأمن الغذائي والتغذية على جميع المستويات.
أهمية الإدارة الفعّالة لمصايد الأسماك
وشدد التقرير على أن الإدارة الفعّالة لمصايد الأسماك تؤدي إلى تعزيز مخزونات الأسماك أو إعادة بنائها، أما عدم تطبيق هذه الإجراءات فيهدد إسهاماتها في الأمن الغذائي وسبل العيش.
ويتم صيد ما نسبته 34.2% من مخزونات الأسماك عند مستويات غير مستدامة بيولوجيا، بحسب تحليلات تقرير الفاو المعيارية. وهذه النسبة الكلية مرتفعة للغاية ولا تتحسن على مستوى العالم رغم أن 78.7% من جميع الأسماك التي يتم اصطيادها تأتي من مخزونات مستدامة بيولوجياً، ووجد التقرير أن توجهات الاستدامة للعديد من الأصناف الرئيسية من الأسماك تتحسن.
وقال مانويل بارانغ، مدير قسم مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في منظمة الفاو، “إنه ليس من المفاجئ أن نلاحظ أن الاستدامة صعبة بشكل خاص في المناطق التي تعاني من الجوع والفقر والنزاعات، ولكن لا يوجد بديل عن الحلول المستدامة“.
صيد الأسماك في ظل كوفيد-19
رغم أن تقرير حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية يستند إلى معلومات سُجّلت قبل انتشار جائحة كـوفيد-19، يُعتقد أن نشاط الصيد العالمي قد انخفض بنحو 6.5% نتيجة للقيود ونقص العمالة بسبب حالة الطوارئ الصحية التي فُرضت لاحتواء جائحة كـوفيد-19، وفقا لملحق للتقرير نشرته منظمة الفاو.
وقد أثر تعطل النقل الدولي بشكل خاص على منتجات تربية الأحياء المائية المعدّة للتصدير، في حين أثر انخفاض السياحة وإغلاق المطاعم بشكل كبير على قنوات التوزيع للعديد من أنواع الأسماك، على الرغم من أن مبيعات التجزئة ظلت مستقرة أو زادت بالنسبة للأسماك المجمّدة والمعلّبة والمتبّلة والمدّخنة ذات الصلاحية الأطول. وفي أجزاء من منطقة البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود، أُجبر أكثر من 90% من صغار الصيادين على التوقف عن العمل بسبب عدم القدرة على بيع ما يصطادونه.
مكافحة أنشطة صيد الأسماك غير المشروعة
يُذكر أن الفاو قادت يوم الجمعة الماضية احتفالات اليوم الدولي الثالث لمكافحة أنشطة صيد الأسماك غير القانونية وغير المبلّغ عنها وغير المنظمة، وهي آفة تمثل ما يصل إلى سُبع الأسماك المتداولة في العالم.
ضمان استدامة مصايد الأسماك أمر ضروري للأجيال الحالية والمقبلة — فيرا أغوستيني
وقالت فيرا أغوستيني، نائبة مدير إدارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في المنظمة، “إن ضمان استدامة مصايد الأسماك أمر ضروري للأجيال الحالية والمقبلة“، مضيفة أن صيد الأسماك غير المشروع وغير المبلّغ عنه وغير المنظم يشكل أحد أكبر التهديدات.
وقد طرحت حالة الطوارئ المتعلقة بفيروس كورونا، تحديات جديدة لمصايد الأسماك، حيث تؤثر على العمالة والوصول إلى الأسواق، بما في ذلك القدرة على رصد عمليات الصيد والتحكم فيها ومراقبتها.
وأوضح عبد الله سرور، الأمين التنفيذي للهيئة العامة لمصايد أسماك في البحر المتوسط والبحر الأسود، أن “توخي الحذر الشديد مطلوب”، مشددا على الدور الهام الذي يمكن أن يقوم به المستهلك.
من جانبه، أشار أودون ليم، نائب مدير إدارة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في المنظمة، إلى أنه “من الواضح أن قيود الجائحة قد عجّلت من استخدام الأدوات الإلكترونية لمراقبة الصيد غير المشروع، وهو أمر واعد“.
التوجهات في إمدادات الأسماك العالمية
تشير التقديرات إلى أن الإنتاج العالمي من الأسماك بلغ حوالي 179 مليون طن في العام 2018، كما يقدر إجمالي قيمة البيع الأول بنحو 401 مليار دولار امريكي. وشكلت منتجات تربية الأحياء المائية 46% من إجمالي الإنتاج، و52% من الأسماك المخصصة للاستهلاك البشري. وتعدّ الصين أكبر منتج بسبب تطور قطاع تربية الأحياء المائية لديها والذي أنتج كميات من منتجات الأحياء المائية تفوق ما أنتجه العالم بأسره منذ العام 1991.
ومن المتوقع أن ينمو إنتاج تربية الأحياء المائية بنسبة 48% في أفريقيا، ما سيسهم في التخفيف من الانخفاض المتوقع في استهلاك الفرد من الأسماك في تلك القارة نتيجة تزايد السكان.
وأشار المدير العام للفاو إلى أن القيم الغذائية المهمة للأسماك تؤكد على أهمية تطوير تربية الأحياء المائية خاصة في أفريقيا، واتباع استراتيجيات تساعد هذا القطاع على تكثيف الإنتاج بشكل مستدام باستخدام تقنيات مبتكرة في مجالات الأعلاف، والاختيار الجيني، وأمن التنوع البيولوجي، وتطوير الأعمال.
يُذكر أن تقرير منظمة الفاو يتضمن قسماً عن مبادرات الاستدامة احتفالاً بالذكرى الخامسة والعشرين لـ “مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد”، ويلحظ كذلك أن الفاو ومجموعة من الشركاء يتعاونون في مشروع “تسليط الضوء على المحاصيل الخفية”، وهو دراسة عالمية سيتم إصدارها في أواخر عام 2020 وتهدف إلى دعم السياسات التي تخدم المصايد الصغيرة المنتجة والمستدامة والمنصفة، والتي من شأنها توفير الغذاء الأساسي لمليارات البشر، كما تخلق سبل العيش والوظائف للغالبية العظمى من 120 مليون شخص يعتمدون على المصايد الطبيعية.