قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ أتاكم رمضان شهرٌ مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه ، تُفتح فيه أبواب السماء و تُغلق فيه أبواب الجحيم ، وتغل فيه مردة الشياطين ، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حُرم خيرها فقد حُرم ]
كل عام وأنتم بخير وقابل الله بالقبول صيامكم وبعظيم المثوبة تهجدكم و قيامكم إن شاء الله .
لقد ضجت الدنيا كلها بالإعلان عن قدوم الشهر الفضيل وبضرورة اقتناص الفرصة واستغلال غزارة العروض على كل شيئ استهلاكي فلقد تحولنا إلى شعوب استهلاكية من الدرجة الأولى ، لا أُخفيكم شعرت و كأنني في سباق رمضاني على كل شيء إلا أهم شيء ألا وهو أنه شهر الوسيلة الأسرع و الأفضل للحصول على مرضاة الله و العتق من النار.
لقد نوه أهل العلم على أهمية قاعدة [ التخلية قبل التحلية ] فإذا كان ولابد من الدخول في السبق الرمضاني فليكن سباق شريف على الطاعات و الأجر لذا علينا أن نكون مستعدين وذالك عن طريق التخلية ثم التحلية.
إن الوعاء الذي يملؤه صاحبه بما يختار و يشاء لا يستطيع أن يضع فيه شيئا إذا كان مملوء بمادة أخرى ، فالقلوب أوعية تحتاج جهدا لإفراغها من الآفات و الأمراض وملئها بما يزكيها من الصالحات .
إن التخلية هي تطهير النفس وترقيتها و السمو بها من رذائل الأخلاق كالحسد و الكِبر و العُجب و أدران الأعمال و غيرها ، و التحلية هي تزكية النفس بالطاعات والقُربات والفضائل التي تؤهل القلب للوصول إلى مرحلة السموبالروح والنفس والعقل.
وهذا لا يعني رفضي للعيوب و الأخطاء في الإنسان فكمال البشرية في نقصانها و زللها و تقصيرها الدائم ولكننا هنا ننوه بأهمية الوعي بما يحدث في داخلك فأنت تماما مخير في الوجهة التي ترضاها لنفسك لذالك لابد أن نفتش لنرى ماالذي زرعناه في قلوبنا فصار شعوراً أو ما الذي اعتقدناه بعقولنا فصار تفكيراً وهل اعتقادنا و أفكارنا اليوم محل سعادة أم ألمٌ لنا ، وما الذي نحتاج أن نخليه منها ومالذي نحتاج أن نتحلى به ؟
و أنا اليوم حالي كحال الجميع أنادي باستغلال هذا الشهر الفضيل بما يتميز به من فضلٍ و رحمة و أجورٍ كثيرة و أن نتخلى عن النفس الأمّارة بالسوء الوسواسة القلقة و أن نتحلى بنفسٍ مطمئنةٍ تُعيننا على العيش بصورةٍ أفضل
فقد قال الله تعالى [ إلا من تاب و عمل صالحا ]
أن نتخلى عن ماضٍ كبّل سعادتنا و منعنا من المُضي قدما ، و التحلي بحاضرٍ مشرق يكون حاضنا للعديد من الأحلام و الطموح ، أن نتخلى عن التبعية و الانقياد وراء كل من امتثل خلف المنصات الإعلامية دون وعي وتفكير، و التحلي بالمبادئ الصحيحة و القواعد الثابتة وتشكيل رأي منفرد باقتناع ، أن نتخلى عن الفردانية المفرطة المؤدية إلى أنانية مطلقة و التحلي بروح الجماعة و تقديم العون للآخرين ، أن نتخلى عن الجشع و الطمع وعدم الاكتفاء الذي قد يحرمنا لذة الاستمتاع بالنجاح ، و التحلي بروحٍٍ راضية قانعة سعيدة بما تملك .
التخلية قبل التحلية نهج من المفيد اتباعه و الاعتقاد به لما فيه من تجديد للطاقات و سحر البدايات
وكل عام وأنتم بخير