تعتبر الألياف الغذائية على مدى السنوات الخمسين الماضية قيمة لصحة الأمعاء الجيدة. لكن الجديد مؤخرًا هو أنه أصبح من المعروف أن الألياف نفسها هي مصطلح شامل، وأن نوعًا معينًا منها، والذي يتوافر بكثرة في الشوفان، يمكن أن يؤدي إلى نفس الوظائف الأيضية المفيدة التي تفعلها عقاقير شهيرة مثل «أوزيمبك»، دون تكلفة أو آثار جانبية.
أنواع الألياف
وفقًأ لما نشره موقع «New Atlas» نقًلا عن دورية «Nutrition»، قال الأستاذ في جامعة أريزونا فرانك دوكا إنه من المعروف أن «الألياف مهمة ومفيدة، لكن كانت المشكلة تكمن في أن هناك العديد من أنواع الألياف المختلفة. هدفت الدراسة إلى معرفة أي نوع من الألياف سيكون الأكثر فائدة لفقدان الوزن وتحسينات توازن الغلوكوز حتى يمكن إعلام المجتمع والمستهلك ومن ثم إعلام الصناعة الزراعية أيضًا».
مكافحة السمنة
أجرى الباحثون تحليلاً شاملاً لكيفية تأثير أنواع مختلفة من الألياف على ميكروبات الأمعاء، والتي تلعب دورًا مهمًا في كيفية معالجة الطعام في الجهاز الهضمي.
وفحص الباحثون البكتين وبيتا غلوكان ودكسترين القمح والنشا والسليلوز، وهي كلها ألياف نباتية، واكتشفوا أن نوعًا واحدًا على وجه الخصوص كان له تأثيرا أكبر عندما يتعلق الأمر بمكافحة السمنة بشكل طبيعي.
نظرة ثاقبة
نظرت العديد من الدراسات السابقة، مثل تلك التي قارنت بين نظام غذائي غني بالألياف وآخر غني بالأطعمة المخمرة، إلى «الألياف» كوحدة واحدة من التغذية. في حين أن كل من الأشكال القابلة للذوبان وغير القابلة للذوبان من الألياف الغذائية لها فوائد صحية واسعة النطاق، من حيث درجة الشبع إلى خفض مستويات الكوليسترول في الدم، إلا أن مجموع الأجزاء لم يقدم نظرة ثاقبة لإمكاناتها في إنقاص الوزن.
ألياف بيتاغلوكان
في الدراسة الجديدة، ركز الباحثون بسرعة على نوع واحد من الألياف، وهو بيتا غلوكان، والذي سبق أن تم تحديده باعتباره يلعب دورًا في تعديل هرمونات الشهية والشبع ببتيد (PYY) وببتيد شبيه الغلوكاكون (GLP-1).
في العام الماضي، أظهرت دراسة من جامعة فيصل آباد في باكستان أن الشوفان على وجه الخصوص، الغني ببيتا غلوكان، يؤثر على تلك الهرمونات بطرق مفيدة لإدارة الوزن.
كما اكتشف الباحثون من جامعة أريزونا أن تناول وجبات بيتا غلوكان بنسبة 10% تؤدي إلى زيادة أقل في الوزن بشكل ملحوظ على الرغم من اتباع نظام غذائي غني بالدهون والسكريات، فضلاً عن كتلة دهنية أقل بشكل ملحوظ مع احتفاظ أعلى بشكل ملحوظ بالكتلة العضلية الهزيلة. كما يؤدي تناول بيتا غلوكان إلى استهلاك مستدام للطاقة، فضلًا عن إظهار حساسية محسّنة للأنسولين ومستويات سكر الدم المفيدة على مدار 18 أسبوعًا.
حل اللغز
أشار تحليل آخر إلى أن تناول وجبات مكملة بالبيتا غلوكان يؤدي إلى تطوير نوع البكتيريا الدقيقة، التي تسفر عن كل هذه النتائج الصحية الإيجابية، مما أدى إلى تغيير بكتيريا الأمعاء والجزيئات المنتجة من خلال الهضم. يُعتقد أن هذه الجزيئات، المعروفة باسم المستقلبات، هي القطعة الرئيسية من اللغز عندما يتعلق الأمر بكيفية تشجيع الألياف لفقدان الوزن.
تأثير حمض الزبدات
توصل الباحثون إلى أن أحد المستقلبات، وهو الزبدات، كان المحرك لهذا التأثير.
تنتج بعض بكتيريا الأمعاء حمض الزبدات، وهو حمض دهني قصير السلسلة، في عملية تخمير الألياف، ويحفز إطلاق (GLP-1)، والذي أصبح معروفًا أنه يلعب دورًا مهمًا في توصيل الشعور بالشبع إلى المخ عند تناول الوجبات.
تعمل أدوية السيماغلوتيد مثل أوزيمبيك على خلق هذا السيناريو بين الأمعاء والدماغ بشكل مصطنع، وإن كان بطريقة أكثر فعالية لا تواجه نفس النوع من التدهور السريع كما يحدث عندما يحدث بشكل طبيعي.
حرق الدهون البنية
قال دوكا إن «هناك أشياء مفيدة أخرى يمكن أن يفعلها الزبدات والتي لا تتعلق بببتيد الأمعاء، مثل تحسين صحة حاجز الأمعاء واستهداف الأعضاء الطرفية مثل الكبد».
وقد ثبت سابقًا أن الزبدات تحفز حرق الدهون البنية لدى فئران المختبر، مما يشير إلى أن بيتا غلوكان كان يساعد في تغذية الدهون عالية السعرات الحرارية، مما يقلل من تراكم «الدهون البيضاء» التي تعد السمة المميزة لزيادة الوزن والسمنة.
مصادر بيتا غلوكان
يتميز الشوفان، وكذلك الشعير، باحتوائهما على أعلى تركيزات من بيتا غلوكان، لكنه يوجد أيضًا في الأرز والفطر والأعشاب البحرية.
يحتوي الشوفان على نحو 3-5٪ من هذه الألياف لكل كوب من الحبوب الجافة، والطهي (وليس الخبز) لا يقلل من تركيزها.
ويأمل الباحثون حاليًا في إمكانية العمل على تطوير «ألياف محسنة» يمكنها تعزيز إطلاق الزبدات أثناء الهضم.