ما إن أطلقت شركة أبحاث الذكاء الاصطناعي (OpenAI) في أمريكا أحد أشهر تطبيقات الذكاء الاصطناعي (شات جي بي تي) مطلع نوفمبر/ أيلول 2022، لم يتوقف مستخدمو “روبوتات الدردشة” عن التساؤل حول مدى صحة المعلومات المقدمة في التطبيق، وهل يمكن استخدامها كمصدر للبيانات؟.
فقد حظي تطبيق (شات جي بي تي) باهتمام بارز في مجال التحول التكنولوجي، ونبّأ بحلول ثورة رقمية جديدة، لاحتوائه كميات هائلة من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت، بما في ذلك قدرته على إقامة حوارات مطولة بأكثر من لغة، وبقدرات بشرية عالية وبسرعة فائقة.
ويعتبر (شات جي بي تي) قادراً على تقديم معلومات حول مواضيع متنوعة، إلا أنه عانى من قصور في البيانات الواقعة بعد عام 2021، وبالتالي “يجب الاعتراف أن قدرة الأداة لمجاراة الأحداث ضئيلة، إضافة إلى غياب الحيادية في طرح إجابات على الأسئلة التي تدين دولة البلد المُصدر للتطبيق” بحسب رأي الكثيرين، وعن الحرب الروسية الأوكرانية كان لـ(تشات جي بي تي) منظوراً معيناً للحرب
الانحياز في (شات جي بي تي)
لم يكتف في عرض الوقائع على غير حقيقتها بل قدمها بانحياز، ففي سؤاله عن تأثر أمريكا من الحرب، كانت إجابته بأن لأمريكا دور إنساني واضح استطاعت أن تقدمه خلال الحرب الروسية الأوكرانية، مما أثار عدة تساؤلات حول انحياز الإجابات المدخلة على تطبيق (شات جي بي تي) بوصف البعض “أنه حتى الذكاء الاصطناعي لم يسلم من تبني وجهات نظر سياسية”.
يرى المتخصص في تقنيات الذكاء الاصطناعي زيد ربابعة: “علينا توضيح جدلية تبني الذكاء الاصطناعي الموقف السياسي والجيوسياسي للحرب والصراعات السياسية، بل علينا الفصل بين توجه الشركة المصنعة والتقنية نفسها”.
ويؤكد “شات جي بي تي تقنية مقدمة لخدمة الذكاء الاصطناعي تم تطويرها بوساطة شركة خاصة بغرض تعزيز التكنولوجيا الذكية بطريقة مفتوحة ومشتركة، وليست تابعة لأي جهة حكومية أو سياسية” .
حول مصادر المعلومات التي يطرحها التطبيق يقول ربابعة “إن بيانات تشات جي بي تي تأتي من مجموعة واسعة من المصادر المتاحة على الإنترنت، والتي تشمل الكتب والمقالات والمدونات والمنتديات والمواقع الإخبارية الإلكترونية، ويتم استخدام هذه البيانات لتدريب نموذج اللغة العميقة، الذي يتيح (تشات جي بي تي) إجراء محادثات بطريقة طبيعية”.
إجابات التطبيق غير دقيقة
ويضيف “البيانات يمكن ألا تكون صحيحة في الأساس، فهي تعتمد بشكل كامل على المصادر التي كانت موجودة بالأصل على شبكة الإنترنت، ويتم إضافة المزيد من النصوص والمصادر عليها بشكل دوري”، يشرح ربابعة آلية معالجة تطبيق (تشات جي بي) للمعلومات، ولماذا قد تتخلل إجاباته بعض الأخطاء.
فمثلاً في سؤاله عن عدد النازحين جراء الحرب الروسية الأوكرانية كانت إجابته، بعكس الإحصاءات التي نشرتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان.
ووفقاً للإحصاءات المُحدثة المنشورة في يناير/شباط 2023، على الموقع الإلكتروني لمنظمة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فإن تعداد النازحين يقدر بحوالي 14 مليون شخص، بحسب المفوض الأممي السامي لحقوق الإنسان، بالتالي فإن المعلومات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي غير دقيقة .
وحول التخوفات التي أبداها البعض بعد إعلان بعض الدول استخدامها لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في الحروب، يعلق ربابعة “لا يمكن الجزم بشكل دقيق عن كيفية تأثير الذكاء الاصطناعي على مجرى الحرب الأوكرانية الروسية، حيث إن تطور التكنولوجيا وتأثيرها على الحرب يعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك العوامل السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية والتقنية.
الذكاء الاصطناعي يغير مجرى الحرب
ويشير إلى أن “وجود الذكاء الاصطناعي في الحرب قد يكن من ناحية تكنولوجية، فيمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تحسين قدرات التجسس والرصد والتحليل، وتحسين دقة وسرعة اتخاذ القرارات العسكرية، وتعزيز الأمن والدفاع السيبراني، وتحسين تقنيات القتال المختلفة”.
ومن جانبه، يرى ربابعة أن الذكاء الاصطناعي قد يكن عاملاً مهماً في تطور المستقبل العسكري، إلا أنه يجب أن يتم استخدامه بطريقة مسؤولة، وفي إطار قانوني وإنساني، مع مراعاة القوانين الدولية، حتى لا يؤثر سلباً على المدنيين والمجتمعات المحلية.
وبحسب التقرير المنشور في مطلع يناير (كانون ثاني) 2023 عن وكالة رويترز فإن الدراسة التحليلية التي أعدتها شركة “يو بي إس”، نقلاً عن بيانات من شركة “سيميلار ويب” قد وصل مستخدمي تطبيق “شات جي بي تي” إلى 100 مليون مستخدم نشط شهريا في يناير، بعد شهرين فقط من إطلاقه.