كلما حدثت كارثة طبيعية مثل الزلازل والبراكين والأعاصير والفيضانات في بلد ما سارع الكثير من الناس الى تداول شائعات مفادها أن هذه الكوارث عمل مدبر، وأنها ليست سوى مؤامرة بشرية هناك من يستفيد منها، فيما تفتح هذه الشائعات الأسئلة لدى الكثيرين حول ما إذا كان من الممكن أن تكون هذه الفكرة صحيحة؟ وما إذا لدى الإنسان بالفعل القدرة على افتعال مثل هذه الكوارث الطبيعية.
ووفق لموقع العربية نت تجددت الشائعات المتداولة في الولايات المتحدة مؤخراً بعد الإعصار الكبير الذي ضرب ولاية فلوريدا والذي أدى إلى أضرار كبيرة في الممتلكات العامة وأغرق شوارع بأكملها تحت الماء، حيث جنح الكثير من أصحاب “نظرية المؤامرة” إلى الإدعاء بأن إعصار ميلتون الذي ضرب فلوريدا إما هو ناتج عن عمل بشري، فيما ذهب البعض إلى أنه “عمل بشري مدبر” بينما قال آخرون إنه ناتج عن إساءة البشر لاستخدام الطبيعة وإنه مثل “التغير المناخي” ناتج عن سلوك الانسان.
ولفت تقرير نشره موقع “ذا أتلانتك” الأميركي، واطلعت عليه “العربية نت”، إلى أن العديد من الرسائل التي تداولها الأميركيون خلال الأيام الماضية عبر القنوات الالكترونية تزعم بأن “خبراء الأرصاد الجوية متواطئون مع الحكومة لخلق الأعاصير من الهواء وتوجيه العواصف نحو أماكن وأشخاص محددين”.
ويقول التقرير إن بعض الشائعات المتداولة “تزعم أن العواصف هي أدوات في مخطط ماكر ضد الناخبين المحافظين، وأن الساسة اليساريين اختاروا إطلاق العنان لها قبل أسابيع فقط من الانتخابات الرئاسية المتعادلة”.
وبحسب التقرير فقد حاولت الهيئات الحكومية وفرق العلماء على مدى عقود من الزمان السيطرة على الطقس من خلال الهندسة الجيولوجية، حيث قاموا بتلقيح السحب بمادة “يوديد الفضة” في محاولة لتحفيز هطول الأمطار فوق المناطق الجافة، واختبروا تقنية لتفتيح السحب بحيث تعكس المزيد من ضوء الشمس إلى الفضاء. ويريد بعض العلماء تجربة تدخلات أكثر تعقيداً، بما في ذلك محاكاة ثوران بركاني يمكن أن يساعد في تبريد درجات الحرارة العالمية المرتفعة.
لكن التقرير يؤكد إنه على الرغم من هذه المحاولات البشرية للتدخل والتحكم بالطقس، فإن الأعاصير واحدة من أكثر الظواهر الطبيعية صعوبة في العبث بها، وهي صعبة للغاية لدرجة أن علماء المناخ لا يأخذون الفكرة على محمل الجد في الوقت الحالي.
ويضيف التقرير “إن الأعاصير، برياحها الشديدة وأمطارها الغزيرة، تتحدى أي نوع من أنواع التحكم البشري”، وتقول جينيفر فرانسيس، عالمة الغلاف الجوي في مركز وودويل لأبحاث المناخ في ماساتشوستس، “إن تعديل الأعاصير ليس بالأمر السهل. إن محاولة تغيير قوة أو مسار الإعصار أشبه بمحاولة إحباط سفينة سياحية باستخدام بطة مطاطية”.
أما عالمة الغلاف الجوي بجامعة يوتا أليسا ستانسفيلد فتقول: “حتى مع تلقيح السُحُب، نحتاج إلى أن تكون السحب موجودة بالفعل من أجل تلقيحها. لا يمكننا إنشاء السحب بأي حال من الأحوال”. وأضافت أن الأعاصير غير قابلة للاختراق بشكل خاص بسبب حجمها وقوتها الهائلة.
وينقل تقرير “ذا أتلانتك” عن خوان مورينو كروز، وهو باحث سياسة المناخ بجامعة واترلو قوله: “سوف يتطلب الأمر طاقة هائلة لتغيير مسار الإعصار أو قوته. لا يمكننا صنعها أو توجيهها، لأنها أقوى بكثير من أي تقنية لدينا”.
وحتى مع تزايد شيوع الهندسة الجيولوجية، فإن محاولة إخماد الأعاصير بالقرصنة لم تعد محل مناقشة، كما تقول هولي جين باك، أستاذة البيئة والاستدامة في جامعة بافالو ومؤلفة كتاب “بعد الهندسة الجيولوجية: مأساة المناخ، والإصلاح، والاستعادة”.