سلطت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، اليوم السبت، الضوء على ردود أفعال أعضاء مجلس النواب الأمريكى خلال خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، أثناء زيارته إلى واشنطن .. مشيرة إلى “حقيقة واحدة تكشفت خلال الزيارة وهى عدم وجود خطة قابلة للتنفيذ نحو السلام”.
وذكرت الصحيفة “أن أعضاء الكونجرس الأمريكى رحبوا بنتنياهو فى الكابيتول بتصفيق حار، وارتفع صوت التصفيق خلال خطابه بعد إعلانه أن إسرائيل ستنتصر فى حربها، كما صفقوا عندما سلط الضوء على صمود المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس”.. مشيرة إلى أنه فى الوقت نفسه عندما تحدث نتنياهو عن رؤيته لمستقبل فلسطين، انخفضت وتيرة التصفيق وعدد الهتافات داخل قاعة مجلس النواب الأمريكي، لأنه بالنسبة للعديد من الديمقراطيين الذين انتقدوا نتنياهو، فإنه لم يقدم شيئا جديدا أو حلا استراتيجيا.
وتعليقا على خطاب نتيناهو، قال النائب الديمقراطى الأمريكى جيسون كرو، الذى تابع الخطاب من داخل قاعة مجلس النواب، “إنه لأمر سخيف الاعتقاد بأن الاستمرار فى فعل الشيء نفسه سيؤدى إلى نتيجة مختلفة”، منتقدا استمرار رؤية نتنياهو كما هى منذ 10 شهور عندما بدأت حرب إسرائيل على غزة.
وأكدت الصحيفة “أنه وسط إحباط متزايد من إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن وعزلة نتنياهو على الساحة الدولية، لم يقدم رئيس الوزراء الإسرائيلى أى لفتة جديدة نحو التسوية، ولم يتطرق خلال زيارته إلى واشنطن إلى إمكانية الحكم الذاتى الفلسطيني، ولم يناقش حقوق الفلسطينيين فى الحياة والحرية، ولم يبذل بايدن أى محاولة لمعالجة المظالم التى يعانى منها الفلسطينيون منذ عقود تحت حكم إسرائيل، وبدلا من ذلك، تحدث نتنياهو عن غزة منزوعة من السلاح والتطرف، وسيطرة إسرائيل على غزة فى المستقبل المنظور”، وفقا للصحيفة.
وانتقادا لخطاب نتنياهو، قال السيناتور الديمقراطى بيتر ويلش الذى شاهد الخطاب على شاشة التلفزيون فى مكتبه كونه ضمن أكثر من 50 نائبا ديمقراطيا قاطعوا الخطاب ، “إن هذه كانت اللحظة المناسبة لنتنياهو لوضع رؤية للمستقبل .. لكنه لم يفعل ذلك، لم يستعرض أى خارطة طريق.. بل لم يتغير على الإطلاق”.
وذكرت الصحيفة، أن إدارة بايدن تسعى منذ أشهر إلى التفاوض على اتفاق سلام طموح من 3 مراحل لإنهاء حرب إسرائيل فى غزة، مع تأكيد البيت الأبيض وسط زيارة نتنياهو لواشنطن أن الأطراف المتفاوضة كانت أقرب “أكثر من أى وقت مضى” إلى الاتفاق على وقف إطلاق نار قصير الأمد وإطلاق سراح المحتجزين.
وأضافت إن إدارة بايدن ترى أن المرحلة الثانية فى خطتها، تتضمن المفاوضات بشأن إنهاء دائم للقتال والانسحاب الإسرائيلى الكامل من غزة، إلى جانب إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين المتبقين فى قطاع غزة، أما المرحلة الثالثة ستجلب حكما فلسطينيا جديدا وتفتح سبل الأمن وإعادة البناء، وستكون مسارا إلى دولة قائمة بذاتها، وهى العناصر الحيوية لنجاح أى سلام طويل الأمد.
وأكدت الصحيفة “أن مفهوم مستقبل عادل لفلسطين لم يكن أحد اعتبارات نتنياهو قبل حرب غزة، وجاءت تصريحاته الأخيرة فى الكونجرس لتضعف أى آمال قد تشير إلى تغيير رؤيته وتفكيره”.
وفى هذا السياق، قال السيناتور الديمقراطى كريس ميرفي، الذى يرأس لجنة فرعية فى مجلس الشيوخ تركز على الشرق الأوسط، “من الواضح أنه لم يتحدث على الإطلاق عن خطة طويلة الأجل للفلسطينيين، لأن نتنياهو تخلى فعليًا عن الدولة الفلسطينية.. أعتقد أن خطته لفترة من الوقت كانت عدم وجود خطة قابلة للتنفيذ”.
ورأت الصحيفة أن الديمقراطيين الليبراليين فى الكونجرس، الذين ازدادوا إحباطا إزاء سلوك إسرائيل طيلة فترة الحرب، بدأوا يعترفون بأن الحكومة الإسرائيلية أحجمت إلى حد كبير عن تنفيذ المرحلة الثانية من خطة السلام أيضا، وتنامى هذا الإحباط بعد أن أظهرت صور الأقمار الصناعية، وشهادات الشهود، وتعليقات القادة العسكريين على مدى الأشهر الماضية، أن الاستعدادات جارية لتواجد إسرائيلى طويل الأمد فى غزة، وفقا للصحيفة.
وأشارت إلى أنه فى الأشهر الأخيرة، قامت إسرائيل بتحصين طريق استراتيجي، يُعرف باسم ممر نتساريم، والذى يقسم غزة إلى قسمين ويسمح بالانتشار السريع للقوات الإسرائيلية فى مختلف أنحاء المنطقة، كما قامت القوات الإسرائيلية بهدم المنازل وجرف مساحات كبيرة من الأراضى الزراعية لإنشاء وتوسيع المناطق العازلة على طول ممرها الاستراتيجي.
ونوهت الصحيفة إلى أن القادة الإسرائيليين يتحدثون عن خطة توفر لقواتهم حرية كاملة للعمل، حيث قامت القوات الإسرائيلية بتحويل الأرض والحطام إلى سواتر دفاعية، وبدأوا فى بناء قواعد عسكرية وتحويل المبانى التى تم الاستيلاء عليها لأغراض عسكرية أخرى.. مؤكدة فى الوقت نفسه أنه حتى مع إصرار مسؤولى إدارة بايدن هذا الأسبوع على أنهم اقتربوا من التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس، فإنهم اعترفوا أيضًا بأن نتنياهو يستمر فى وضع المطالب على الطاولة، وهذا التناقض بين تفاؤل إدارة بايدن بشأن الاتفاق، والسلوك الإسرائيلى على أرض الواقع فى غزة، تسبب فى إرباك المراقبين فى
واشنطن.