بمجرد إقلاعها لن يكون هناك سوى نفسها وطائرتها والعالم الكبير الواسع. في سن الـ 19 تسعى الطيارة الشابة زارا رذرفورد لأن تكون أصغر امرأة تطير بمفردها حول العالم. وقالت لـ (د ب ا) “في اللحظة التي أقلع فيها أنسى أي شيء آخر”. مضيفة هذا أفضل شيء في الطيران. ومن المقرر أن تبدأ مغامرتها غدا انطلاقا من فيفلخيم البلجيكية.
ويبدو أن الطيران كان مرافقا لها منذ المهد فكل من والدتها البلجيكية ووالدها الإنجليزي طياران. لذلك فمنذ أن كان عمرها بضعة أشهر فقط عرفت كيف تبدو من داخل قمرة القيادة في الطائرة. وخلال سنوات عمرها التي لم تتجاوز العشرين حلقت الشابة في السماء لأميال لا حصر لها. وفي سن الـ 14 تعلمت الطالبة كيف تقود طائرة وعملت على الحصول على رخصتها الأولى.
الهدف الآن هو تحقيق رقم قياسي عالمي. حتى الآن تحتفظ بالرقم القياسي الأمريكية شايستا وايز التي طارت حول الكوكب بمفردها في سن 30. وصاحب الرقم القياسي بين الذكور يبلغ 18 عاما وبالنسبة لزارا فإن هذا أيضا علامة على عدم المساواة بين الجنسين. وتأمل في جذب المزيد من الفتيات للاهتمام بالعلوم والطيران وتدعم مبادرتين غير ربحيين كجزء من محاولتها لتحطيم الرقم القياسي “أحلام التحليق” و “فتيات يصغن شفرات”.
تعيد هذه المغامرة إلى الأذهان البحارة لورا ديكر من هولندا التي بدأت الإبحار حول العالم بمفردها عندما كان عمرها 14 عاما فقط. وسبقت المحاولة نزاع قانوني طويل حول ما إذا كان يجوز السماح لديكر بالسفر بمفردها من الأساس.
زارا التي تحمل الجنسيتين البريطانية والبلجيكية ليست بحاجة للقلق من هذا الشأن كونها شخص بالغ. وبصفتها طيارة رياضية فقد تم إعفاؤها من معظم لوائح الحجر الصحي وبذلك لن يكون بمقدور حتى الجائحة إيقافها عن مغامرتها. ورغم ذلك تريد وسيتعين عليها أيضا إجراء اختبارات منتظمة للكشف عن كورونا، تقول “آخر شيء أريده هو نقل كوفيد حول العالم”.
ومن بلجيكا تتجه أولا نحو وطنها بريطانيا ثم عبر أيسلندا إلى جرينلاند ثم تتجه غربا. وخلال ذلك سوف تجد مأوى لدى معارف وداعمين في جميع أنحاء العالم. ويأتي موعد العودة المخطط له إلى بلجيكا عقب 3 أشهر بالتحديد في 4 نوفمبر. وربما يحل موعد العودة على نحو أبكر أو يستغرق وقتا أطول. وفي كل الأحوال فأمامها كل الوقت حيث قررت أخذ سنة فجوة بعد المدرسة. تقول قبل بدء رحلتها إن أكثر ما تحترمه وتتطلع إليه في مغامرتها هو حدوث “ما هو غير متوقع”.
واستعدت للرحلة بدقة بقدر المستطاع. حتى لو لم يكن بالإمكان التخطيط لكل شيء من المفترض أن تكون مغامرتها “آمنة قدر الإمكان” خاصة إذا تسببت ظروف جوية صعبة أو مشكلات تقنية خلال تحليقها فوق مناطق نائية في حدوث اضطرابات لرحلتها. وعلى مدار الأسابيع الماضية تلقت العديد من الدورات التدريبية المكثفة على السلامة. الطائرة خفيفة الوزن التي تعتزم زارا التحليق بها حول العالم تنتمي إلى سلسلة “شارك”.
وبحسب الشركة المصنعة فإن هذه واحدة من أسرع الطائرات في العالم. وتعتمد زارا في تمويل مغامرتها على رعاة ومدخرات، فقد ضحت بسيارتها الخاصة وباعتها من أجل المغامرة.
وبينما ينخرط العديد من أبناء جيل زارا في حركات لحماية المناخ ويقاطع بعضهم الطيران تماما تفضل زارا التحليق في الهواء .. لكن مصطلح “عار الطيران” ليس غريبا عليها أيضا فمن أجل تعويض الانبعاثات الكربونية التي ستنجم عن رحلتها ساهمت زارا في زراعة أشجار بتكلفة تقدر بعدة مئات من اليورو.
تقول “لا أريد أن أقول إنني أساعد المناخ .. لكنني أحاول تقليل بصمتي البيئية قدر الإمكان”. مضيفة أن الانبعاثات التي ستنفثها طائراتها الخفيفة خلال جولتها حول العالم بالكامل ستعادل الانبعاثات التي تنفثها طائرة ركاب في 10 دقائق .. ورغم ذلك تأمل أن يكون بالإمكان في سنوات قليلة القيام بمثل هذه الرحلة بطائرة تعمل بالكهرباء.
وماذا بعد الطواف حول العالم ؟ حتى قبل الإقلاع تتجاوز طموحات زارا ذلك بكثير حيث تمتد إلى الفضاء. وتنوي البلجيكية بعد مغامرتها دراسة علوم الكمبيوتر والهندسة الكهربائية بهدف أن تصبح رائدة فضاء.