أكد رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت محمد جاسم الصقر أن العقوبة القانونية السريعة والصارمة والعادلة لتجار الإقامات ومن يسهّل عملهم، ضرورة لا جدال فيها ولا مساومة بشأنها، لكن يجب أن نذكر دائماً أن أسلوب العقاب، على ضرورته وحتميته، لا يمكنه القضاء على هذه الظاهرة ما لم يقترن بالسياسات والإجراءات الكفيلة بتجفيف الربح غير الشرعي من استغلال آلام البشر، ومن الإضرار بمصلحة الوطن.
ولفت الصقر في تصريح صحافي إلى أن ظاهرة العمالة الوافدة الهامشية ليست بالمشكلة الجديدة، بل تعود بداياتها إلى أكثر من 30 عاماً، نمت خلالها هذه الظاهرة وازدادت حجماً وخطورة وانتشاراً، بسبب أرباحها الهائلة غير المشروعة، التي يتقاسمها من جرى التعارف خطأً على تسميتهم بتجار الإقامات، مع من يسهّل لهم جريمتهم، ويصمت عن فضائحهم ويتغاضى عن ملاحقتهم.
وقال الصقر إن «كورونا» لم يكن من أسباب هذه الظاهرة، ولم يكشف عنها، وإنما فضح بصورة مباغتة ومذهلة وصادمة عمق مخاطرها، وامتداد شبكتها، وتورم حجمها، وارتفاع عدد ضحاياها، مضيفاً أنه لم يكن غريباً – إثر ذلك – أن تكون ردة الفعل الشعبية بهذا الاتساع والإجماع، وعلى هذا الحجم من القهر والغضب.
وأوضح أنه إذ تحيّي «الغرفة» كل من مساهم برأيه أو قلمه في التنبيه إلى الأذى البليغ الذي تلحقه هذه الظاهرة بأمن الكويت واقتصادها ومجتمعها، وبسمعتها الدولية وأنظمتها الصحية والتعليمية، والذين رفضوا بشكل مطلق ما لحق بالعمالة المعنية من ظلم وخسائر مادية ومعنوية، تود أن تؤكد أن موقفها الثابت والشاجب والمنذر من هذه الظاهرة يتفق كل الاتفاق مع مطالبهم بمعاقبة الجناة بأقسى العقوبات، التي تتفق مع خطورة الجريمة، وفي إطار القوانين وإجراءاتها.
و مضى بيان «الغرفة» الذي لم يقف عند هذه الحدود، بل سعى إلى توظيف هذه الموجه من الغضب الشعبي الواعي لوضع حلول جذرية للقضاء على هذه الظاهرة بصورة نهائية، من خلال تجفيف مواردها الحرام من منبعها، وفي ضوء الحقائق والاعتبارات التالية:
أولاً – لا تتوفر إحصاءات يعتمد عليها في شأن حجم العمالة الهامشية الوافدة، التي تشكل القاعدة الأساسية لظاهرة «استغلال نظام الإقامة في الكويت»، ولكن من المفيد أن نذكر أن عدد السكان الوافدين في منطقتي جليب الشيوخ والمهبولة، اللتين تتركز فيهما هذه العمالة وصل في نهاية سبتمر 2019 إلى أكثر من 513 ألف نسمة؛ منهم 372 ألفاً من الآسيويين و141 ألف عربي، وبالتالي، فإن حجم الظاهرة التي نتكلم عنها لا يقل بتقدير «الغرفة» عن 400 ألف عامل وافد، ما يعادل 23 في المئة من إجمالي حجم العمالة الوافدة، عدا العمالة المنزلية وما في حكمها.
ثانياً – تتوزع العمالة الوافدة الهامشية على 3 مجموعات: عمالة لديها إقامة صالحة وعقد عمل صحيح، لكنها لا تقبض حقوقها بشكل منظم، وعمالة تعمل بالمياومة حسب الفرص التي تتاح لها، ولا تعمل لدى الشركات الوهمية التي استقدمتها ووفرت لها إقامة صالحة مقابل مبالغ كبيرة ودفعات سنوية، وأخرى لا تحمل إقامة صالحة وليس لديها عمل ثابت ولا تتقن مهنة أو حرفة تصلح للعمل بالمياومة.
ثالثاً– من دلالات استمرار وتضخم ظاهرة العمالة الهامشية الوافدة على مدى أكثر من 3 عقود، أن خدمات هذه العمالة تحظى بطلب حقيقي في سوق العمل الكويتي، ورغم أن هذا الطلب غير مستقر أو مستمر أو منتظم، إلا أنه موجود بالتأكيد، ذلك أن هذه العمالة تلبي احتياجات الشركات والمؤسسات الصغيرة المساندة لأعمال المقاولات التي لا تستطيع تحمل تكاليف العمالة الثابتة (رواتب، وإجازات، وتعويضات…)، كما تلبي احتياجات شريحة واسعة من السكان في أعمال الصيانة والتصليح. ويجدر بالذكر في هذا المجال أن خدمات هذه العمالة رخيصة بكل المعايير.
رابعاً– إن البحث في حلول للقضاء على ظاهرة تجارة الإقامات تماماً، يجب أن يكون في إطار تصحيح هيكل العمالة والتركيبة السكانية في البلاد من جهة، وفي إطار توظيف التقدم التقني إلى أبعد حد ممكن من جهة ثانية.
خامساً– يستوجب القضاء على هذه الظاهرة إعادة النظر بصورة جادة ومستعجلة بنظام الكفيل الحالي، وتطويره بما يفرّق بين العمالة الوافدة عالية الثقافة والتخصص، والتي يمكن تكويت مواقعها تدريجياً في المستقبل المنظور، والعمالة الوافدة التي تقدم خدمات هامشية ليس من المنتظر أن يضطلع بها ويُقبل عليها المواطنون بشكل كافٍ خلال المدى القصير أو المتوسط.
سادساً– من الثابت أن من يمارسون تجارة الإقامات ويستغلون العمالة الوافدة الهامشية شركات وأفراداً، هم إما شركات وهمية أسست لهذا الغرض ليس إلا، وإما أفراد تسمح لهم مواقعهم الرسمية أن يمارسوا أو يسهّلوا هذه التجارة وهذا الاستغلال. وبالتالي، فإن القضاء على هذه الظاهرة يقتضي بالضرورة معاقبة هؤلاء، وهؤلاء على حدٍ سواء، وفي إطار العدل والقانون وإجراءاتهما.
سابعاً– تنظر «الغرفة» بكثير من التقدير والتفاؤل إلى تصدي سمو رئيس مجلس الوزراء الحازم لهذه الظاهرة، والذي اتخذ في ضوئه نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية خطوات سريعة وجريئة في هذا الصدد، كما أكدت وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية على «عدم التهاون في اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين لأحكام القانون مهما كانت صفاتهم ومواقعهم»، كما تأمل الغرفة أن يكون الجميع سواسية أمام القانون دون أي محاباة أو استثناء لأحد.