#آراء | عبدالعزيز الدويسان .. يكتب “رحلة الموت بحثاً عن الحياة”
في جولة سياحية إلى الجنوب الإيطالي الساحر بدأت بالهبوط في مطار روما ثم اتجهنا بالقطار والانتقال للجنوب والمحطة الأولى في الرحلة مدينة نابولي ، وأثناء سير القطار والتوقف في محطات عدة ، وفي أحد المحطات دخل القطار شاب عربي صغير السن وكان القطار مزدحم و مكتظ فصادف الوقوف بجانبه فمنذ الوهلة الاولى والنظرات المتبادلة عرف بأننا عرب وبدأ الحديث والقصة و الغصة .
شاب عربي من مصر ومع الحديث بدأت الكلمات تنساب وفتح قلبه وأعلمنا عن عمره وهو في سن 15 ، ومن ثيابه البسيطة وعليها بعض العلامات تدل على عمله ، وظننت في هذا العمر إنه يعيش بمعية أهله وخاصة في هذا العمر وبلد أوربي وغربه ولكن مع الحديث أخبرنا بأنه يعيش بمفرده والأهل في بلد الأم ، من حديثه لنا كأنه لم يقابل العرب منذ فترة مع أن إيطاليا بلد فيها الكثير من المغتربين العرب ، في أوربا الكل يعيش لوحده وعالمه الخاص فالحديث معه كأنه متشوق للكلام والسوالف ويسرد لنا كيف انتقل لإيطاليا في هذا العمر ومن المفترض أن يكون على مقاعد الدراسة لإكمال على الأقل المرحلة الثانوية ولكن هنا المعادلة والحكاية مختلفة ، فأرسله والده للبحث عن لقمة العيش مبكرا ودفع 30 ألف جنيه وظل الشاب في البحر 15 يوم حتى تمكن من الوصول والنجاة ، ما الذي جعل والده أن يحاول جاهدا لتوفير لولده هذا المبلغ ؟ كيف طاوع قلب الأب والمخاطرة بابنه في البحر والطريق مجهول ؟ هذه واحدة من آلاف الحكايات للبحث عن حياة أفضل بسن مبكرة في الخارج ، قال الإمام علي كرم الله وجهه ” الغنى في الغربة وطن ، والفقر في الوطن غربة ” ، قوارب الموت والبحث عن الهجرة والانتقال من الجحيم إلى النعيم ، جحيم الفقر والبطالة والبحث عن تأمين لقمة العيش .
توقف القطار ونزل الشاب واكملنا السير إلى محطتنا ، حديث لدقائق في القطار له على وقع النفس كثير ويحتاج إلى تفكير ، كثيرة هي أحلام الشاب العربي في البحث عن الحياة الكريمة يشاهدون الموت بأم أعينهم لعل وعسى النجاة وتحقيق الطموحات والآمال بعيد عن الآلام.
عبدالعزيز الدويسان