آراء

#آراء / عبدالعزيز الدويسان .. يكتب : “وجدتها..وجدتها “

أرخميدس الذي هو من كبار علماء الرياضيات والفيزياء والهندسة في العصور القديمة ، وتقول الحكاية إن ملك سيراكوس شك في أن الصائغ الذي صنع له التاج قد غشه وأدخل في التاج فضة بدلاً من الذهب الخالص وطلب من أرخميدس أن يبحث له في هذا الموضوع بدون إتلاف التاج ، وعندما كان يغتسل في حمام عام لاحظ أن منسوب الماء ارتفع عندما انغمس في الماء، وقد قيل إنه خرج عارياً في الشارع يجري ويصيح (أوريكا، أوريكا) أي وجدتها وجدتها، لأنه تحقق من أن هذا الاكتشاف سيحل معضلة التاج ، وقد تحقق أرخميدس من أن جسده أصبح أخف وزناً عندما نزل في الماء، وأن الانخفاض في وزنه يساوي وزن الماء الذي أزاحه، وأيضاً تحقق من أن حجم الماء المزاح يساوي حجم الجسم المغمور. وعندئذ تيقن من أنه يمكنه أن يعرف مكونات التاج دون أن يتلفه وذلك بغمره في الماء !!! فإن حجم الماء المزاح بغمر التاج فيه لا بد أن يساوي نفس حجم الماء المزاح بغمر وزن ذهب خالص مساوً لوزن التاج ، وكانت النتيجة أن الصائغ فقد رأسه بهذه النظرية.

الفكرة مصدر إلهام تأتي بغتة لا تعلم متى وأين وكيف ستأتي ، قد تطرأ عليك وسط زحمة الأفكار وقمة الانشغال وأحيانا في وقت الفراغ والراحة تأتي الأفكار ، تغوص في بنات أفكارك فتتعسر ولم تجد شيء ، فهي كالجرس فجأة تقول وجدتها ، إلهام يتولد في العقل الباطن ، تشاهد فلم أو مباراة أو عندما تخلد للنوم أو في السيارة أو تقرأ صحيفة أو تغريدة أو أثناء المشي ، فالفكرة لا تحتاج إلى عمل جو خاص لتستخرج الفكرة كالجلوس في مكان ما والهدوء يلف المكان وشرب فنجان قهوه ، فلا تحصر نفسك بمكان واحد لتأتي الأفكار ، فتأتي ببعض المرات وسط الضجيج والزحمة ، وعلى سبيل المثال راودتني فكرة هذا المقال في القطار خلال التنقل في روسيا من مدينة موسكو إلى مدينة سان بطرسبرج ، وكلما قرأت وقرأت تتولد الأفكار ، قوة الملاحظة للأمور وتنظر للأشياء من زوايا متعددة تأتي بفكرة مختلفة ، والأفكار العظيمة تخرج أيضا للنور بعد موقف وصعوبات فتتولد ثورة ، ومانعيشة من ثورة معلوماتية هائلة أتت الفكرة لتلبية احتياجاتهم وحل للمشاكل فالأفكار لا تنتهي .

ونختم مع ديفيد لينش مخرج ومنتج ورسام وفنان كرتوني، وملحن وفنان فيديو ومؤدي أمريكي وحصل على ترشيحات لجائزة الأوسكار لأفضل مخرج لعدة أفلام ، سأله مذيع في أحد المقابلات كيف تأتي الفكرة ، فقال : إنها تأتي على شكل تلفاز في عقلك .

عبدالعزيز الدويسان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى