عبر وريث التاج البريطاني الأمير تشارلز عن حزنه بسبب الصعاب والمعاناة التي يتكبدها الفلسطينيون داعيا إلى ”سلام عادل ودائم“ في الشرق الأوسط في اليوم الثالث من زيارته للأرض المقدسة.
والتقى الأمير تشارلز بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيت لحم، وصلى مع رجال دين مسيحيين وزار قبر جدته، التي دُفن جثمانها على جبل الزيتون بالقدس، وكرمتها إسرائيل لأنها أنقذت أسرة يهودية أثناء المحرقة.
وقال تشارلز، الابن الأكبر للملكة إليزابيث، في أول زيارة رسمية له إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة ”إن قلبي ليعتصره الحزن… لأننا لا نزال مضطرين لأن نرى هذا الكم الهائل من المعاناة والانقسام. لا أحد يصل إلى بيت لحم اليوم دون أن يلحظ العلامات على استمرار المشقة والوضع الذي تواجهونه“.
”… لا يسعني سوى أن أشارككم، أنتم وجميع المجتمعات، صلواتكم من أجل سلام عادل ودائم… خالص أمنياتي بأن يحمل المستقبل الحرية والعدالة والمساواة لكل الفلسطينيين، مفسحا لكم الطريق للنجاح والازدهار“.
وتضمنت رحلته التي امتدت لمسافة ثمانية كيلومترات إلى بيت لحم، عبور نقطة تفتيش عسكرية إسرائيلية من أجل الوصول إلى الجانب الآخر من الجدار الخرساني الذي بنته إسرائيل عبر الضفة الغربية التي احتلتها في حرب عام 1967.
قال تشارلز (71 عاما) إن ”أعظم المآسي“ ستتجسد في حالة اختفاء المجتمعات المسيحية الفلسطينية القديمة من الأراضي المقدسة، في إشارة إلى رحيل كثير من المسيحيين العرب من الشرق الأوسط.
وتتجنب العائلة المالكة في بريطانيا الخوض في شؤون السياسة، إلا أن تشارلز، الذي سيصبح حاكما لكنيسة إنجلترا عندما يعتلي العرش، طالما تحدث عن قضايا مثل الحوار بين الأديان والبيئة.
وقال يوم الجمعة بعد زيارته في بيت لحم لمسجد عمر وكنيسة المهد، التي يُعتقد في التقاليد المسيحية أنها بنيت في المكان الذي ولد فيه السيد المسيح ”سعيت جاهدا لبناء الجسور بين مختلف الأديان، حتى يتسنى لنا أن نتعلم من بعضنا البعض وأن نكون أقوى معا نتيجة لذلك“.
وفي وقت سابق، أحنى تشارلز رأسه أمام قبر جدته، الأميرة أليس، وهي مسيحية متدينة وفرت الملاذ لأسرة يهودية في اليونان عندما احتلها النازيون.
وتحدث تشارلز يوم الخميس عن الإلهام الذي مثلته جدته بالنسبة له خلال احتفال بذكرى المحرقة حضره عشرات من زعماء العالم لإحياء الذكرى الخامسة والسبعين لتحرير معسكر الموت في أوشفيتز.
ووقف تشارلز، أمير ويلز، في صلاة مع رجال الدين المحليين حول الغرفة التي دفنت فيها جدته داخل كنيسة مريم المجدلية للروس الأرثوذكس ذات القبة المذهبة، فيما كانت جوقة نسائية تردد الترانيم من موقع مطل على المدينة القديمة.
وفي عام 1993، مُنحت الأميرة أليس من باتنبرج أعلى وسام تمنحه مؤسسة ياد فاشيم لغير اليهود وهو وسام الصالحين بين الأمم لأنها قامت بإخفاء ثلاثة من أفراد عائلة كوهين في قصرها بأثينا خلال الحرب العالمية الثانية.
وتوفيت في لندن عام 1969 وكانت قد طلبت دفنها بالقدس، بجانب عمتها.
ويرقد جثمانهما على جبل الزيتون، وهو قمة تل مقدس لدى اليهود والمسيحيين والمسلمين. وعند سفحه حديقة جثسيماني التي يقدسها المسيحيون باعتبارها المكان الذي صلى فيه السيد المسيح قبل صلبه حسب المعتقدات الدينية المسيحية.