أكد الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية الدكتور خالد مهدي اليوم الأحد أن تسريع التحول الرقمي المستدام ومواكبة الثورة الصناعية الرابعة وتفعيل الأمن السيبراني على رأس أولويات رؤية (كويت جديدة 2035).
وقال الدكتور مهدي في لقاء مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) عشية قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة التي ستعقد في نيويورك غدا وبعد غد بمشاركة دولة الكويت إن اعتماد التحول الرقمي من شأنه تحويل الكويت إلى مجتمع رقمي يواكب الثورة الصناعية الرابعة لاسيما في الخدمات المقدمة من الحكومة.
وأضاف أن مبدأ التنمية المستدامة في كل المجالات يقوم أولا على تنمية رأس المال البشري بترسيخ منهجية جديدة للتعليم تهدف إلى تدشين منظومة تؤسس جيلا جديدا قادرا على مواكبة التحول الرقمي السريع الذي يشهده العالم بأسره.
وأوضح أن مفهوم الاستدامة هو استغلال الموارد بطريقة مثلى لتكون متاحة للأجيال القادمة فلا تجوز التنمية دون وضع اعتبار للأجيال القادمة وهذا ما تسعى إليه دولة الكويت من خلال رؤيتها 2035.
وذكر أن فكرة التنمية المستدامة ذات باع طويل في الكويت لاسيما بعد إنشاء صندوق الأجيال القادمة من قبل الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه عام 1976 الذي يهدف الى تأمين مستقبل الأجيال القادمة من الإيرادات العامة للدولة.
وحول رؤية الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لفت الدكتور مهدي إلى انضمام الكويت لهذا البرنامج الذي يهدف إلى تحقيق 17 هدفا رئيسيا بحلول عام 2030 في مقدمتها القضاء على الجوع والفقر وتوفير الرعاية الصحية لضمان الصحة الجيدة لجميع الأفراد كذلك توفير مياه الشرب للجميع وإنتاج الطاقة النظيفة وتنمية وتنويع الاقتصاد ومصادر الدخل بصورة مستدامة.
وأشار إلى باقي أهداف البرنامج وهي تمهيد بيئة تنافسية عادلة للصناعة والابتكار والحفاظ على البيئة والحياة البحرية وإنشاء مدن ومبان ذكية صديقة للبيئة لضمان مجتمعات محلية مستدامة تتيح لها الانتعاش والنمو وتوفير التعليم والاستثمار برأس المال البشري وإرساء دعائم العدل والمساواة بين الجميع وهو ما سيحقق الرفاه والاستدامة لشعوب العالم قاطبة.
وأفاد بأن أهداف رؤية (كويت جديدة 2035) تصب في تحقيق أهداف وأجندة خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030 “فالكويت جزء من العالم وعضو فاعل في الأمم المتحدة”.
وأضاف أن الكويت قطعت أشواطا كثيرة لتحقيق تلك الأهداف بما يتفق مع مصلحتها العليا مشيرا إلى دور الأمانة العامة للتخطيط والتنمية في هذا الإطار وهو تنسيق ورفع التقارير ومتابعتها لمعالجة التحديات بالتنسيق مع الجهات المعنية لتحقيق رؤية (كويت جديدة 2035).
وكشف الدكتور مهدي أن دولة الكويت وقعت اتفاقية إطار تنسيقي مع الأمم المتحدة منذ انضمامها إلى المنظمة تسمى بـ (إطار التعاون الوطني) مضيفا أن الأمانة العامة للتخطيط والتنمية تشرف على تنفيذ هذه الاتفاقية بالتنسيق مع الجهات المعنية بها في الكويت سواء على المستوى الفردي أو المؤسسي بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة المختصة من أجل تمكين الكويت من تحقيق أهدافها التنموية المستدامة الخاصة برؤيتها 2035.
وبين أن مفهوم التنمية المستدامة يدخل في كل أدبيات التخطيط التنموي والاستراتيجي في العالم أي النظرة المستقبلية التي تراعي فيها ديمومة الرخاء للأجيال المقبلة “وألا تكون النظرة المستقبلية مقصورة على الأجيال الحالية”.
وفيما يخص التحول الرقمي ومواكبة الثورة الصناعية الرابعة اللذين يمثلان ركيزة أساسية تستند إليهما رؤية (كويت 2035) بالتناغم مع رؤية الأمم المتحدة 2030 أوضح أن الكويت تحولت من الإدارة “الورقية” إلى الإلكترونية وحققت قفزات نوعية تعمل على تحقيق ذلك التحول من خلال إجراء المعاملات الحكومية كافة دون اللجوء إلى الاستخدام الورقي الاعتيادي.
وأشار إلى التطبيقات الحكومية الحالية مثل تطبيقي (سهل) و(هويتي) وهما عبارة عن حزمة مشاريع نحو التحول الرقمي الذي تسعى الكويت إلى تحقيقه مستطردا بأن هذه المشاريع ليست هي التحول الرقمي كليا إنما جزء منه مما يدل على جدية الدولة ومؤسساتها في تحقيق التحول كاملا وأن العمل جار على تحقيق التحول الرقمي الكامل والمنشود الذي يحقق الحكومة الإلكترونية الذكية والمجتمع الرقمي.
وعن تهيئة البنية التحتية الأساسية لتحقيق التحول الرقمي قال الدكتور مهدي إن ذلك قد تحقق من خلال مد شبكات الألياف الضوئية (فايبر أوبتكس) وأبراج الاتصالات في كل مناطق البلاد لرفع مستوى أداء خدمات الهاتف والإنترنت.
وأضاف أن الكويت تعمل بموجب رؤيتها 2035 على تعزيز المنظومة المعلوماتية والأمنية للدولة من خلال التعاون مع الشركات العالمية مثل (غوغل كلاود) لتدشين سحابة رقمية متطورة تساهم في رقمنة خدمات المواطنين والمقيمين بصورة آمنة وتأسيس البنية التحتية التكنولوجية للدولة والاستفادة من خبراتها في مجال الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني بغية تحقيق الابتكار والتقدم الرقمي بصورة آمنة.
وأكد أن التحول الرقمي والابتكارات التكنولوجية الحديثة والمستدامة ترتبط بالعديد من سياسات ومشاريع رؤية الكويت ورؤية الأمم المتحدة للتنمية المستدامة والتي دخلت نسبة كبيرة منها حيز التنفيذ على أرض الواقع في مجالات الصحة والطاقة والبيئة والبنى التحتية.
وعن الملف الصحي قال إن وزارة الصحة حققت قفزات في مواكبة التقنيات المعاصرة فبدأت باستخدام “الروبوت الجراحي” في إجراء بعض العمليات الجراحية مما يعتبر نقلة نوعية تتوافق مع التطور الذي يشهده المجال الطبي في العالم.
وعن الاستدامة البيئية أشار إلى أن الكويت قطعت شوطا في تحقيق مجموعة من الأهداف أولها مشروع الوقود البيئي الذي تسبب في خفض انبعاثات الصناعات النفطية مبينا أن الكويت تقوم بتوليد الطاقة الكهربائية النظيفة ومعظم محطات توليد الكهرباء يستخدم فيها الغاز بدلا من زيت الوقود الذي يعتبر من مشتقات البترول الثقيلة وذلك يساهم في تقليل البصمة الكربونية ويرفع جودة الهواء ويقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وذكر الدكتور مهدي أن ثمة أعدادا كبيرة من المنشآت والمباني الجديدة صديقة للبيئة حصدت شهادات الريادة في تطبيق أنظمة الطاقة وحماية البيئة للمباني الخضراء مثل مشروع مبنى الركاب (تي 2) بمطار الكويت الدولي ومدينة صباح السالم الجامعية (الشدادية) ومستشفيات وزارة الصحة الجديدة والمقرر إنجازها قريبا.
وكشف أن الكويت تحتل المركز الأول بين الدول العربية في جودة مياه الشرب واستغلال مياه الصرف الصحي بما يتوافق مع شروط الحفاظ على البيئة وفقا لمنظمة الصحة العالمية مضيفا أن من أضخم مشاريع خطة التنمية قيد العمل فيها مشروع توسعة محطة (أم الهيمان) للصرف الصحي بعد أن تم الانتهاء من إنشاء محطة الصليبية التي تعد من أكبر محطات العالم من حيث نوعية المعالجة الرباعية للمياه.
وعن الخطة الوطنية في مجال الرعاية الصحية قال إن رؤية الكويت 2035 تسير وفق خطوات ثابتة في تحقيق اهداف التنمية المستدامة لافتا إلى إنجاز العديد من مشاريع الرعاية الصحية من خلال بناء عدد كبير من المستشفيات الجديدة كليا مثل مستشفيات (جابر الأحمد) و(الصباح) و(الولادة) و(الجهراء) و(الفروانية) و(الأطفال) و(السارية) ومركز الكويت لمكافحة السرطان ومشروعي توسعة مستشفى (العدان) والمستشفى (الأميري) إضافة الى بناء مستشفيين وخمسة مراكز للرعاية الأولية التابعة لشركة ضمان الصحية والمخصصة في تقديم الرعاية الصحية للمقيمين في الكويت.
وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية أن الاستدامة في البنية الصحية الضخمة ستتحقق من خلال الاستثمار برأس مال بشري طبي مدعم بأحدث تقنيات التدريب والتعليم.
وحول ملف التركيبة السكانية أوضح أن من ضمن السياسات المهمة في الخطة التنموية لرؤية الكويت 2035 هي سياسة القبول الذكي أي إقامة تركيبة سكانية ذات قيمة مضافة للاقتصاد الكويتي ووضع ضوابط وتصنيفات تعليمية وصحية يجب توفرها فيمن يرغب بالوفود الى دولة الكويت والانخراط بسوق العمل فيها.
وبين أن الكويت ممثلة بالهيئة العامة للقوى العاملة عملت مع منظمة الهجرة الدولية على إنشاء مراكز للإيواء وصياغة قواعدها وقوانينها بالإضافة إلى كتابة المعايير المتعلقة باتفاقية العمل الدولية.
وعلى صعيد الاستدامة الاقتصادية أفاد بأن ثمة مجموعة مبادرات ضمن سياسات الخطة الإنمائية و(رؤية كويت 2035) وبرنامج عمل الحكومة تهدف إلى إعادة هيكلة الاقتصاد الكويتي لتحقيق الاستدامة المالية مشددا على أهمية عدم النظر منفصلا الى السياسات المالية والاقتصادية.
وأوضح أنه من ضمن سياسات الخطة الإنمائية إعادة هيكلة الاقتصاد بتنويع مصادر الدخل واشراك القطاع الخاص عبر تطبيق ثلاث سياسات مثل تشجيع الاستثمار الأجنبي والاستثمار المباشر ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتفعيل برامج التخصيص بين القطاعين العام والخاص.
وعن التعاون الكويتي – الصيني في المشاريع الاقتصادية والتنموية قال مهدي إن دولة الكويت وقعت حزمة من مذكرات التفاهم مع الصين عام 2018 تصب في المجالات الاقتصادية منها تطوير المنطقة الشمالية (مشروع الحرير) وميناء مبارك والبنية التحتية وبناء المدن الاسكانية والمدن الصناعية.
وحول الدور الإعلامي لخطة الكويت الإنمائية و(رؤية الكويت 2035) والمكتسبات التي حققتها شدد مهدي على أهمية الدور الإعلامي الرسمي ممثلا بوزارة الإعلام ووكالة الأنباء الكويتية (كونا) قائلا إن له “دورا إيجابيا ومحوريا في إبراز ما تم إنجازه على هذا الصعيد وما تحقق في إطار الخطة التنموية للدولة باعتبارها مصدرا موثوقا به ورافدا مهما للمعلومة”.
وأكد أن الكويت تمضي بثبات وبشكل حثيث في تنفيذ (رؤية كويت 2035) وفق خطط زمنية تأخذ في الاعتبار واقعية الأهداف التنموية الخاصة بها وبما يتفق مع أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 دون الإخلال بخصوصية المجتمع الكويتي وعاداته وتقاليده الأصيلة.
وتمثل قمة أهداف التنمية المستدامة لعام 2023 التي ستعقد غدا وبعد غد في نيويورك بداية مرحلة جديدة من التقدم المتسارع نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة مع توجيه سياسي رفيع المستوى بشأن الإجراءات التحويلية والمتسارعة حتى عام 2030.
وتأتي القمة التي يعقدها رئيس الجمعية العامة في منتصف المدة لتحقيق خطة عام 2030 للتنمية المستدامة بأهدافها السبعة عشر في عام 2015 والتي تصبو إلى رفع مستوى الطموح وتسريع أوجه التعاون الدولي والإقليمي والوطني في هذا الشأن.