التطوع في الكويت بين واقع اليوم وتطلعات الغد

أجرت اللقاء فاطمة السلمان:

العمل التطوعي هو ممارسة إنسانية أصيلة وخلق نبيل سارت عليه البشرية منذ القدم، وأخذ شكل تلك الممارسة بالتطور والتغير عبر عدد من المراحل، فبعد أن كانت عبارة عن جهود فردية متفرقة أصبح للعمل التطوعي اليوم فِرَقًا كبيرة ومنظمات محلية ودولية معترف بها تؤدي دورا واضح الأثر، فبات انتشار التطوع مقياسا لرقي وتقدم المجتمعات.

وقد ازدهر العمل التطوعي في دولة الكويت بشكل كبير منذ نشأتها إذ كان أبناؤها يتطوعون في مجالات مختلفة من غوص وتعليم وغيرها، ثم واصلوا تطوير هذا العمل بتشكيل الجماعات لتركيز الجهود وتنظيمها وذلك بدعم من الدولة.

وفي هذا الجانب قال رائد الأعمال بدر الياقوت الذي بدأ التطوع منذ عام 2008 إنه أحب هذا المجال لأنه يشبع حاجة داخلية لديه للرضا والارتياح معربا عن سعادته بالحصول على جائزة وزارة الدولة لشؤون الشباب عن أكاديمية المتطوعين التي قام بتأسيسها.

وأفاد الياقوت في لقاء أجرته معه هاشتاقات بأن المبادرة التطوعية هي أي فكرة أو مشروع يسعى لحل مشكلة أو تعزيز قيمة أو تقديم خدمة للمجتمع في مختلف المجالات مضيفا إن التخصص بمجال تطوعي معين وتركيز الجهود عليه إضافة إلى تشكيل فريق يؤمن بنفس القضية هي من أهم خطوات تأسيس الفريق التطوعي الناجح.

فريق العمل

وزاد بالقول إنه من المهم أن يتميز قائد الفريق بصفات القيادة الصحيحة وأن يتم توزيع المهام بشكل يناسب الجميع فضلا عن وجود رؤية واضحة وتواصل وانسجام في الفريق لتحقيق تلك الرؤية مبينا إن الخلافات على المناصب وإقحام المصالح الشخصية وعدم إيمان الأعضاء بالعمل الجماعي من شأنها أن تدمر الفريق.

الدور المجتمعي

وأشار إلى أن عمل الفرق التطوعية مهم وهو مكمل للمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص وذلك لما تتمتع به تلك الفرق من مرونة تمكّنها من الحركة والانتشار بشكل أسرع إضافة إلى تعدد المجالات التي تعمل عليها مما يزيد قدرتها على تقديم خدمات متنوعة.

الأنشطة والتخطيط

وفيما يتعلق بالتخطيط بيّن الياقوت إن معرفة صاحب المبادرة بالمنتج النهائي الذي يرغب بالوصول إليه ستساعده في تخطيط واختيار الأنشطة التي يؤديها مضيفا إن من أهم خطوات تنفيذ العمل الاحترافي: وجود رغبة بالعمل وتحديد هدف أساسي للنشاط فضلا عن كتابة خطة وتطبيقها على أرض الواقع مؤكدا أهمية تحلي المتطوع بالصبر لتحقيق أهدافه.

وشدد على ضرورة تخصيص جلسة بعد كل مشروع يقوم خلالها الفريق بعملية تقييم لقياس مدى تحقّق الهدف ويمكنهم الاستعانة بالاستبيانات كوسيلة لتقديم مؤشرات عن مخرجات النشاط موضحا إنه في الأنشطة التدريبية يمكن الاستفادة من الكوادر المتدربة بتوفير فرص مناسبة لتطبق ما تعلموه وفقا لقدراتهم.



التسويق

وحول أهمية الترويج للمشاريع قال إن المؤسسات التطوعية بحاجة للتسويق إما للحصول على الدعم أو لإبراز دورها المجتمعي مشددا على ضرورة الحذر من المبالغة بذلك فيصل الأمر للرياء ويخرج عن إطاره التطوعي مبينا إن أفضل الطرق التسويقية هي الدمج بين وسائل الإعلام التقليدي والجديد مع التركيز على الأخير كونه أصبح أكثر تأثيرا.

الشراكات والدعم

وأضاف إن الدعم المادي واللوجستي والإعلامي الذي تقدمه المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص يُعد من أهم أسباب استمرار العمل التطوعي مشيرا إلى أن عقد الشراكات ليس سهلا ويتطلب من الفريق عملا احترافيا وأفكارا جديرة برعاية تلك الجهات ثم يأتي دور العرض السليم للفكرة مشيدا بحجم الدعم الذي يتلقاه المتطوعون في الكويت.

تحديات

وأوضح إن أي مؤسسة تطوعية معرضة للصعوبات مبينا إن عدم التزام الأعضاء بمهامهم أو تسربهم من الفريق يُعد من التحديات الداخلية التي تسبب خللا بتوازن الفريق ويعتبر الدعم غير الكافي والعقبات المصاحبة لأداء الأنشطة خارج الكويت من أبرز الصعوبات الخارجية.

وأضاف إن الاستدامة من أهم ما يجب التركيز عليه ويمكن تحقيقها من خلال وضع رؤية بعيدة المدى وبناء إستراتيجية ومنهجية واضحة فضلا عن السعي لتحويل الفريق إلى مؤسسة غير ربحية مما يرتقي بمستوى العمل إلى الاحترافية.

مستقبل التطوع في الكويت

(الكويت منارة نفخر بها في العمل التطوعي وذلك لأن صاحب السمو هو أمير الإنسانية وأبناء البلد يمتلكون طاقة ورغبة بالعمل) هكذا لخص الياقوت الواقع الحالي للتطوع في الكويت معربا عن تفاؤله بمستقبل أكثر ازدهارا وتنظيما.

وتطلع الياقوت إلى تكثيف دعم مختلف جهات الدولة للشباب الراغب بالتطوع لتوظيف طاقاتهم بشكل صحيح فلا تتشتت أو تستغل بطريقة خاطئة مؤكدا إنه ينبغي النظر للتطوع كعمل احترافي وليس وسيلة لسد وقت الفراغ ولا يتحقق ذلك إلا بتكليف المتخصصين ذوي الخبرة بالإشراف على تطوير ذلك العمل.

وشدد الياقوت في كلمة وجهها للمبادرين قائلا: (توجه نحو القمر فإن أخطأت كنت بين النجوم، اجعل طموحك عالٍ ورسالتك هادفة لخدمة المجتمع).

وتوجه الياقوت بكلمة للجهات الداعمة: “حاولوا فتح الأبواب للشباب قدر المستطاع، فهم عماد الوطن، وبقدر الاهتمام بهم تعود الفائدة على المجتمع“.

والجدير بالذكر إن أكاديمية المتطوعين التي أسسها بدر الياقوت عام 2016 قد خرّجت خلال موسمين 16 فريقا تطوعيا في ثمانية مجالات مختلفة منها الاجتماعي والثقافي والإعلامي والإغاثي.

Exit mobile version