أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط اليوم الاثنين أن الانفتاح على الآخر لفهم ثقافته وإقامة جسور الحوار معه وإعلاء قيم التسامح وقبول الاختلاف عناصر لا غنى عنها لبناء مجتمعات إنسانية ناجحة قادرة على الإبداع والابتكار والعيش المشترك.
جاء ذلك في كلمة لأبو الغيط في مؤتمر (التسامح والسلام والتنمية المستدامة في الوطن العربي) الذي تنظمه الجامعة العربية بالتعاون مع المجلس العالمي للتسامح والسلام على مدى يومين بمشاركة قيادات دينية اسلامية ومسيحية وعدد من وزراء الثقافة والأوقاف السابقين .
وأوضح أبو الغيط أن بناء مجتمعات “العيش المشترك” مسؤولية مشتركة بين الجميع من الأسرة إلى المدرسة إلى المؤسسة الدينية والمؤسسة التشريعية والإعلام وغيره.
وأشار الى أن “بذور الكراهية تغرس في عقول الأطفال في مراحل مبكرة ويصبح نزعها أصعب كثيرا مع الوقت ويقع على عاتق كل طرف من هذه الأطراف تحصين تلك العقول الغضة وغرس قيم السلام والتسامح فيه”. وقال ان الوطن العربي ظل لقرون طويلة نموذجا حيا على تجاور مكونات عرقية ودينية وثقافية متنوعة.
وأضاف “ويشهد ماضينا الضارب في عمق التاريخ على أن ثقافتنا بانفتاحها على ثقافات أخرى مختلفة أعطت وتلقت ومنحت وأخذت ثم استوعبت وأضافت وأبدعت لتنتج ذلك النموذج الحضاري الفذ والمنفتح الذي نعتز به جميعا”.
وحذر أبو الغيط من خطورة الأزمات التي عصفت بالمنطقة وما نتج عنها من انهيار لمؤسسات الدولة الوطنية في عدد من البلدان العربية مما أفسح المجال للفوضى وسيادة منطق القوة والتطرف.
وبين أن جماعات وقوى لها مصالحها الخاصة استغلت تلك الأوضاع لتفكيك الدول وتقسيم المجتمعات على أساس طائفي أو عرقي.
وأوضح أن التطرف يتغذى في الأساس على نشر الكراهية ونزع التسامح كقيمة إنسانية عليا من قاموس الشعوب لافتا الى أن خطاب الكراهية انتشر بشكل مقلق مستغلا ما تتيحه المنصات الرقمية من سهولة في بث الأخبار.
ومن جهته أكد البابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية في كلمته أن العالم يحتاج الى السلام معتبرا ان العلم والرياضة والطبيعة عناصر تساهم في تحقيق السلام.
واعتبر ان التسامح ضرورة وليس اختيارا داعيا إلى غرس قيم السلام في الأطفال والمدارس والاعلام والمؤسسات الدينية.
وأكد أن التسامح أيضا فرصة للاخر باعتباره الوسيلة لكسر “سلسال طويل من الشر” بالاضافة الى كونه علامة قوة ودليلا على ضبط النفس.
وقال ان “التوغل التكنولوجي الكبير في العالم ساهم في جفاف المشاعر وبالتالي انطفأت قيمة المحبة بسبب استبدال العلاقة بين البشر باستخدام الأجهزة والآلات.
ويناقش المؤتمر عددا من المحاور الرئيسة من بينها مكافحة الكراهية ونشر ثقافة التسامح في الخطاب الديني ومكافحة الكراهية في التشريعات الوطنية ودورها في ترسيخ مبادئ التسامح في المجتمع وأثر الإعلام في نشر قيم التسامح واستدامة السلام المجتمعي إضافة إلى إعادة الإعمار في مجتمعات دول ما بعد الصراع.