بغداد – اعتبرت أوساط سياسية عراقية أن بيان الرئيس العراقي برهم صالح، في ذكرى سقوط بغداد سنة 2003، يوجه رسالة مبطنة للضغط على زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي قرر الهروب من المشهد السياسي لأربعين يوما تاركا البلاد في فراغ دستوري، وفي فراغ حكومي شبه تام، دون أن يتحمل مسؤوليته كزعيم للكتلة الأكبر في البرلمان، والتي يفترض أن تقود المشاورات من أجل التوصل إلى حلول وليس الهروب والاعتكاف بمناسبة شهر رمضان.
وأضافت الأوساط السياسية العراقية أن برهم صالح وضع الجميع أمام مسؤولياتهم خاصة التحالف البرلماني “إنقاذ وطن” الذي يريد تقاسم السلطة ويرفض تقديم أيّ تنازلات أو توسيع للتحالف ليكون قادرا على ضمان النصاب القانوني الذي يتيح التصويت على رئيس جديد للعراق يتولى لاحقا تكليف رئيس حكومة جديد يختاره تحالف الأغلبية.
وقالت الأوساط ذاتها إن تحالف الصدر ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني يرهن البلاد ويعطل كل شيء من أجل تمرير شخصية غير معروفة سياسيا لرئاسة العراق، وإن الواجب الآن يتطلب أن يظهر برهم صالح ليحذر ممّا أسماه “متاهات خطرة” في المستقبل.
وحذر برهم صالح، السبت، من أن استمرار الأزمة السياسية حول تشكيل الحكومة سيقود البلاد إلى “متاهات خطرة”، داعيا القوى السياسية إلى “تفاهمات” لإنهاء الأزمة.
وقال صالح في بيان إنه “بعد عقدين من التغيير، يمر بلدنا بظرف حساس وسط انسداد سياسي وتأخر استحقاقات دستورية عن مواعيدها المُحددة، وهو أمر غير مقبول بالمرة بعد مضي أكثر من خمسة أشهر على إجراء انتخابات مُبكرة”.
وأوضح أن ذلك “استجابة لحراك شعبي وإجماع وطني لتكون وسيلة للإصلاح وضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي وتصحيح المسارات الخاطئة وتحسين أوضاع المواطنين والاستجابة لمطالبهم”.
وأردف “استمرار الأزمة السياسية قد يؤدي بالبلد نحو متاهات خطرة يكون الجميع خاسرا فيها، وعليه فإن أمام جميع القوى السياسية اليوم مسؤولية تاريخية ووطنية وأخلاقية في رص الصف الوطني”، وذلك “عبر حوار جاد وفاعل للخروج من الأزمة الراهنة، والشروع بتشكيل حكومة وطنية مُقتدرة فاعلة تحمي مصالح البلد”.
واعتبر مراقبون سياسيون أن العراق يحتاج إلى حراك سياسي وشعبي ضاغط لتجاوز مرحلة الفراغ السياسي والدستوري، بسبب فشل التحالف الثلاثي في الوصول إلى تسوية تخدم مصالحه، مشيرين إلى أن من المبادرات المطروحة تأجيل موضوع انتخاب الرئيس في البرلمان، والمرور إلى تشكيل الحكومة على أن يستمر برهم صالح في منصب إلى حين التوصل إلى تفاهمات لاختيار رئيس جديد أو التجديد للرئيس الحالي.
وأشار المراقبون إلى أن السلطة لا تدار بمنطق المغالبة خاصة حين يعجز الطرف الأكثر عددا عن تأمين النصاب لتمرير مرشّحه، وأن مختلف القوى السياسية مطالبة بأن تعتمد على التوافق للخروج من هذا المأزق، وطالما أن المشكلة في مرشح بارزاني الذي يرفضه أكثر نصف النواب وتتفق على رفضه كتلة الإطار التنسيقي، وكتلة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بالإضافة إلى النواب المستقلين الذين يرفضون دعم مرشح لا مبرّر لاختياره سوى أنه جزء من المحاصصة، فضلا عن كونهم أقرب إلى برهم صالح ويريدون التمديد له لدورة جديدة.