وسط أجواء فنية رفيعة، أقامت مؤسسة «لامس وغادر» أحد المشاريع الشبابية الكويتية، أمسية بعنوان «لوكورا» بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وبدعم من السفارة الإسبانية لدى الكويت، فرض فيها فن «الفلامنكو» نفسه باستعراض لامس حد الجنون.
شهدت الأمسية، التي أقيمت أول من أمس، في مقر المجلس الوطني للثقافة حضور حشد جماهيري غفير، تقدمه نائب رئيس البعثة الإسبانية غييرمو ريبويو، وجمع من الديبلوماسيين والشخصيات العامة، إلى جانب كوكبة كبيرة من محبي الفن والموسيقى والاستعراض.
«لوكورا»، هي كلمة إسبانية تعني «جنون»، والقصة مستلهمة من قصيدة أندلسية لفتاة جميلة سمراء تحمل على كتفيها وشاحا، وتتجول وسط الحي القديم للعازفين والرسامين، لتروي من قصص الأحياء الفنية الأندلسية القديمة، والتي تحمل بداخلها رسائل إنسانية عميقة عن أثر الفنون وقدرتها على خلق بيئة نقية، باستطاعتها تحقيق التناغم والتعايش والسلام.
وللمناسبة، ألقى المستشار الإعلامي للمجلس الوطني للثقافة مظفر راشد كلمة، جاء فيها: «أود أن أثمن الجهود كافة التي من شأنها أن تساهم في خلق بيئة تحتضن المشاريع الثقافية الشبابية الهادفة والتي تحمل رسائل إنسانية عميقة وتسعى إلى تكوين شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص الممثل في أكثر من جهة في حفلنا هذا، إضافة إلى سفارات الدول الشقيقة والصديقة في دولة الكويت، حيث يعمل الجميع لتعزيز ثقافة التواصل والتبادل الثقافي وتقريب المسافات من خلال الثقافة التي هي مفتاح السلام».
ولفت إلى أن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب يقوم بدور رئيسي في التنمية الفكرية والفنية، ضمن رؤية واضحة تتيح التواصل مع الثقافات العربية والإسلامية والعالمية، ويعمل على تهيئة المناخ المناسب للإبداع في كل المجالات وتقوية الروابط مع الهيئات الثقافية العربية والأجنية.
بدوره، تحدث ريبويو، قائلاً: «تربط إسبانيا والكويت علاقات وثيقة في العديد من المجالات، وبالتحديد في الجانب الثقافي، وقد أخبرني الكثيرون أن الكويتيين يحبون فن (الفلامنكو)، الذي يتميز بكلماته الفنية، والمشاعر التي لا يمكن التعبير عنها إلا من خلاله». وشدد ريبويوعلى أهمية العلاقات بين الدول، وزاد: «تلك الروابط القوية تظهر لنا جميعاً كيف يمكن للثقافة أن تتحد وتقرب المجتمعات والثقافات على الرغم من المسافة بينهما، وأن هذه الأمسية خير دليل».
من ناحيتها، قالت مؤسس وشريك مؤسسة «لامس وغادر» الثقافية نورة البناي: «لوكورا – هذا الحُلم القديم الجديد الذي تكرر في أذهاننا كثيراً حتى حان الوقت أن يكون حقيقة. هذا الحلم الذي رأيناه أول مرة بخيوط نسيج وشاح على كتف فتاة أندلسية تتجول في حي العازفين والرسامين والمثقفين»، مردفة: «وها نحن اليوم نُترجم هذا الحلم بإقامة هذا الحدث الثقافي الموسيقي الذي يرمز إلى العديد من القواسم المشتركة، والمعاني الإنسانية الجميلة، والتواصل والتفاعل من خلال الثقافة والفنون، فهنا ألوان وهنالك شجرة زيتون، وخلف الستار تنتظر الأوتار».
وتابعت البناي: «نحن في (لامس وغادر) نؤمن بأن الثقافة والفنون والآداب هي صوت الضمير، وهي القوة الناعمة التي تؤثر في المجتمعات، وهي الأجنحة التي تُحلّق بذائقة الأفراد».
وأكدت البناي أن ديبلوماسية الثقافة والفنون هي أحد حلول السلام، وهي الديبلوماسية القادرة على مد الجسور بين الشعوب، وأنه من هنا اجتمع الحلم بالإيمان فتشكلت هذه الأمسية وهي مجرد بداية نبدأها مع إسبانيا، هذا البلد الغني في الحضارة والتاريخ والعمارة والموسيقى والعلوم.
بعدها، حلّقت الفرقة الإسبانية بالجمهور الكويتي إلى عوالم «الفلامنكو» الساحرة، حيث الأداء الراقص والإيقاع الجميل، الذي لاقى استحسان الجميع. كما وضعت الفرقة بصمتها بجدارة من خلال أغانيها وعزفها، الذي يتسم بالقوة في التعبير، مع رومانسية الغيتار.
ويتكون (الفلامنكو) من العناصر الأساسية، مثل الغناء الذي يسمى بالإسبانية «كانتيه»، والغيتار الذي يلازم الراقصين، بالإضافة إلى الرقص، حيث يعبر الراقص بحركات جسده، والأرجل بالأرض والخطوات السريعة وأيضا يتضمن التصفيق، حيث يقوم المصفقون بدعم الراقص في تحديد نوعية النغمات وسط تصفيقهم بصورة متتابعة وسريعة.
يُذكر أن «لامس وغادر» هو مشروع شبابي مبتكر في التنمية البشرية المتكاملة، تم تصميمه بعد سنوات طويلة من البحث والتنقيب داخل الإنسان، إذ يقدم التواصل الإنساني من خلال مجموعة من البرنامج والورش والأمسيات الثقافية والاجتماعية والفنية التفاعلية الفريدة من نوعها، والتي تلامس أربعة أبعاد رئيسية داخل الإنسان «العقل، الجسم، العاطفة، والتواصل مع المجتمع»، ويتم تنفيذها من خلال أساليب إبداعية تحمل عمقا ورسالة ومضمونا له انعكاس إيجابي مؤثر على الفرد والمجتمع.