الكويت تتبنى إستراتيجيات متسارعة لتحسين بيئة العمل الحكومية وتعزيز الإنتاجية

في عام 1955 صدر أول تشريع ينظم شؤون الخدمة المدنية في الكويت وعرف آنذاك بنظام الموظفين والتقاعد، إذ احتضن 13 بابا تضمنت (دائرة شؤون الموظفين) باعتبارها دائرة مستقلة عن بقية الدوائر الحكومية.

ولاستكمال هذا التنظيم، اعتمدت الكويت في العام ذاته مشروع قانون (كادر عمال الحكومة) الذي يحدد شروط استخدام العمال في الدوائر الحكومية ويضع قواعد عامة للتعيين وتحديد فئات الأجور وساعات العمل وغير ذلك من نظم العمل.

وأخذت القوانين المعنية بشؤون الخدمة المدنية في التطور من دائرة شؤون الموظفين إلى ديوان الموظفين ثم تعديل التسمية إلى ديوان الخدمة المدنية بصدور القانون رقم 67 لسنة 1996 الذي وسع اختصاصاته.

وقد حرصت التشريعات الكويتية المتعاقبة على المزاوجة بين اعتماد النظم الحديثة لتحقيق الإصلاحات ودور الموظفين في تنفيذ تلك النظم، إذ إن تسريع التنمية المنشودة يعمق الحاجة للتطوير الدائم للنظم ودفع الإنتاجية بما يتماشى واستحقاقات نهضة البلاد الجديدة.

وتتعاظم أهمية استنهاض أجهزة الدولة تنفيذا لتوجيهات صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد بالبدء في مرحلة جديدة من مراحل العمل الجاد المسؤول وتسريع وتيرة تنفيذ المشاريع وتطوير الخدمات.

وتبنت دولة الكويت استراتيجيات متسارعة لتحسين بيئة العمل الحكومية وتعزيز الإنتاجية باعتبار ذلك من العوامل المهمة للحفاظ على الكفاءات القيمة في بيئة عمل ملائمة يسودها جو من التفاعل الإيجابي.

ومع صدور مرسوم تشكيل الحكومة الحالية في مايو الماضي برئاسة رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ أحمد العبدالله برزت الرغبة الحكومية في رسم خريطة طريق لإطلاق العنان للإنتاجية وخلق آليات مبتكرة للمضي قدما بتطوير بيئة العمل الحكومية ودفع الجهات المختلفة للإبداع والابتكار.

وتوزعت خطوات إحداث تحولات استراتيجية في بيئة العمل الحكومي على أكثر من مسار شملت تكليفات مباشرة بترشيق الأجهزة الحكومية وتوسيع النطاق الزمني لعمل الجهات وتقليص الدورة المستندية للمشاريع واختصار الجداول الزمنية المحددة.

كما تضمنت التكليفات الحكومية الصادرة خلال الشهرين الماضيين توجيهات لديوان الخدمة المدنية بمراجعة بعض القوانين واللوائح واتخاذ مزيد من الإجراءات والتدابير التي تنعكس إيجابا على زيادة الإنتاجية في الجهات الحكومية.

وبالتزامن مع ذلك شهدت الفترة الماضية فتح آفاق التوظيف أمام العمالة الوطنية في الجهات المختلفة عبر توفير نحو 24 ألف فرصة وظيفية وتحريك التخصصات الراكدة إضافة إلى اعتماد الترشيح الآلي للتوظيف لترسيخ مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص.

وتماشيا مع القرارات الحكومية أصدرت جهات تعاميم داخلية تشدد على الالتزام بتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص أمام الجميع بتوزيع المرشحين من الديوان على جهات العمل وفق الاحتياجات والتخصصات المطلوبة ورفض تلقي ترشيح أسماء محددة للوظائف الشاغرة من الإدارات.

وفي خطوة متقدمة نحو توفير بيئة تنافسية محفزة على الإنجاز تستعد الكويت لتدشين تجربة مشروع (سجل إنجازات الموظف) والتي من المتوقع تطبيقها على خمس جهات حكومية لمدة ستة أشهر على أن يتم تحديد موعد انطلاق الفترة التجريبية لاحقا.

وأعلن ديوان الخدمة المدنية في الـ27 من شهر أغسطس الماضي أن النظام المستحدث يتيح للموظف حفظ أعماله في ملف إلكتروني بهدف توثيق إنجازاته وضمان الأولوية للمميزين في المزايا المالية أو الدورات التدريبية أو الوظائف الإشرافية.

وحرصا على رفع مستوى الخدمات الحكومية انطلقت دراسة موسعة مع ممثلي 13 جهة حكومية لبحث إمكانية تقديم الخدمات الحكومية على الفترتين الصباحية والمسائية وذلك بهدف التسهيل على المواطنين والمقيمين مراجعة الجهات وإنجاز معاملاتهم.

كما اعتمدت الكويت في منتصف أغسطس الماضي البصمة المرنة للحضور أثناء الدوام الرسمي والتي دخلت حيز التنفيذ بالجهات الحكومية في 18 أغسطس الماضي بهدف تعزيز قيمة الالتزام وتحقيق الاستثمار الأمثل لساعات العمل.

وبهدف تطوير كفاءة الأداء في جهات العمل المختلفة تنطلق سنويا الخطط التدريبية لتنمية مهارات الموظفين بجميع المجالات والتخصصات وتنفذ بالتعاون مع الجهات الحكومية المختلفة والمعاهد والشركات التدريبية المتميزة. وفي هذا الصدد، نفذ ديوان الخدمة المدنية 49 برنامجا تدريبيا بحضور 1075 مشاركا من جهات حكومية عدة من مختلف الفئات الوظيفية خلال الموسم التدريبي 2023/2024 فيما أعلن في الـ15 من أغسطس الماضي عن الخطة التدريبية للموسم التدريبي 2024/2025.

وتسعى الحكومة عبر خطة التنمية 2024/2025 إلى إكساب الأفراد المعرفة والمهارات وقدرات الإبداع والابتكار وإيجاد قوى عاملة منتجة ومتجانسة تنعكس عوائدها بالإيجاب اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.

وقد اعتمدت الحكومة في سبيل ذلك سياسات قيد التنفيذ حاليا تشمل تطوير نظام وطني لمهارات القوى العاملة بأساليب مطورة لدعم التحول إلى الاقتصاد المعرفي وتشجيع تعلم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات للقيادة نحو اقتصاد المعرفة وعقد شراكات أكاديمية مع مؤسسات دولية موثوقة.

ومن أهداف برنامج تطوير حكومة مترابطة وشفافة الذي تضمنته خطة التنمية العمل على رفع الأداء الحكومي وتلبية احتياجات المواطنين.

 

Exit mobile version