عشية اجتماع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيّب أردوغان في موسكو بشأن الوضع في شمال غرب سوريا، حثّ مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، الرجلين على تجنيب المدنيين المزيد من المعاناة وإيجاد حل دبلوماسي للأزمة.
ودعا بيدرسون الدول العربية إلى الانضمام إليه في هذه الدعوة، وقال خلال اجتماع مع وزراء خارجية جامعة الدول العربية في القاهرة: “أنا على ثقة من أنكم ستنضمّون إليّ وأنا أحثهما على إيجاد حل دبلوماسي فوري من شأنه أن يجنّب المدنيين المزيد من المعاناة، ويضمن بعضا من الاستقرار، ويتخذ التعاون سبيلا بدلا من المواجهة في التعامل مع التحديات في إدلب، ويخلق ظروفا مواتية أكثر لعملية سلمية.”
وأعرب بيدرسون عن أمله في مساهمة جميع الدول العربية، بشكل فردي وجماعي، في جهود إعادة الاستقرار إلى سوريا والدفع قدما باتجاه تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254.
وقال: “إن جيران سوريا أي لبنان والأردن والعراق تركيا، يستضيفون ملايين السوريين الفارّين، وهذا النزاع يهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي.”
إذا لم تترسخ عملية سلمية جدية، فإن سيناريو “لا حرب ولا سلام” في المرحلة المتوسطة هو أمر خطير جدا — غير بيدرسون
وأشار بيدرسون إلى أن الانتقال من الحرب إلى السلام أمر محفوف بالمصاعب، لاسيّما وأن سوريا تعاني من انقسامات سياسية عميقة واحتياجات إنسانية كبيرة، وتحديات اقتصادية تزداد شدّة.
وقال محذرا: “إذا لم تترسخ عملية سلمية جدية، فإن سيناريو “لا حرب ولا سلام” في المرحلة المتوسطة هو أمر خطير جدا، تواجه فيه سوريا والسوريون داخل البلاد وخارجها مستقبلا قاتما وغير مؤكد، وهو ما سيؤدي إلى عواقب وخيمة على المنطقة.”
إدلب: مدينة المواجهات
وقال المبعوث الأممي إن الخطر الفوري يتمثل في تصعيد أكثر والمزيد من الحروب، وما يصاحبها من موت ونزوح كما يحدث في إدلب.
وقال إن المدنيين في إدلب يتعرّضون للقصف الجوي والبري وهو ما يتسبب بموجات كبيرة من النزوح وفقدان في الأرواح. “أكثر من 900 ألف نازح منذ الأول من كانون الأول/ديسمبر، والنساء والأطفال يشكلن 81% من النازحين الجدد.”
وأوضح لوزراء خارجية العرب أن ثلاثة ملايين مدني لجأوا إلى إدلب خشية البقاء تحت سيطرة الحكومة. كما تضم المدينة مقاتلين يرفضون المصالحة مع الحكومة، ويقيم في إدلب أنصار هيئة تحرير الشام وغيرها من المنظمات التي صنفها مجلس الأمن كإرهابية وتواصل هذه المجموعات ارتكاب أعمال عنف ضد الحكومة السورية وحلفائها وضد مدنيين.
وأشار بيدرسون إلى أن الحكومة السورية ترفض أن تبقى إدلب خارج سيطرة الدولة وتخضع للنفوذ الخارجي في انتهاك لسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها ووحدة أراضيها.
وقال: “اتفقت كل من روسيا وتركيا على تحديد إدلب كمنطقة خفض تصعيد، وهي اليوم منطقة تشتبك فيها الحكومة السورية والقوات التركية مباشرة، إن التغير في طبيعة الصراع يثير القلق.”
أولويات بيدرسون
واستعرض غير بيدرسون خمس أولويات يسعى إلى التركيز عليها في التعامل مع النزاع السوري:
- أولا، تعميق الارتباط مع الحكومة السورية والمعارضة.
- ثانيا، تكثيف التواصل مع قطاع واسع من السوريين بينهم النساء اللاتي يقمن بدور مهم في العملية السلمية، إضافة إلى المجتمع المدني.
- ثالثا، تيسير اتفاق بقيادة السوريين وملكية السوريين، ويمكن للجنة الدستورية أن تكون منطلقا لحوار داخلي وتفتح الأبواب تدريجيا نحو عملية أوسع.
- رابعا، استكشاف كل وسيلة ممكنة لتأمين إطلاق سراح الموقوفين والمختطفين.
- خامسا، تعزيز تعاون دولي أكثر عمقا بشأن سوريا، وبدون هذا فإن التقدم لن يكون ممكنا.
وحذر بيدرسون من خطر اندلاع مواجهة دولية، وأضاف أن التقارير التي تفيد بضرب دمشق بصواريخ في بداية شباط/فبراير، نسبها الإعلام السوري لإسرائيل، “يذكّرنا بأن خطر المواجهة الدولية يهدد جميع أرجاء سوريا.”
وأكد أن الهدف في نهاية المطاف ينبغي أن ينصب على استقرار سوريا، وخلق ظروف لعودة آمنة وكريمة للاجئين ومستقبل أفضل لجميع السوريين.