دخلت فرنسا مرحلة اضطرابات سياسية عنيفة، بعد حل الرئيس إيمانويل ماكرون البرلمان، في أعقاب الفوز الساحق للتجمع الوطني المتطرف في انتخابات البرلمان الأوروبي الأحد الماضي.
وفي الوقت الذي اتجهت فيه الأنظار إلى حزب مارين لوبان الفائز الكبير في الانتخابات الأوروبية، والمرشح لاكتساح البرلمان الفرنسي بعد الانتخابات المقبلة، شهدت الساحة السياسية الفرنسية، حرباً أهلية جديدة بين مختلف أجنحة اليمين، بشقيه الديغولي المحافظ، والقومي المتطرف.
ورداً على عرض زعيم حزب “الجهوريون” إريك سيوتي التحالف مع حزب لوبان، قرر المكتب السياسي للحزب، تجريده من ترشيح الحزب للانتخابات البرلمانية المقبلة، ومن مسؤولياته الحزبية على رأس التجمع السياسي اليميني الذي هيمن على المشهد في البلاد بعد الحرب العالمية الثانية حتى فوز الاشتراكيين بالسلطة في 1981 لأول مرة.
ورفض سيوتي قرار الحزب، وقرر الترشح للانتخابات ضد مرشيح حزبه، خاصةً في الجنوب وفي نيس، مدينته التي تعد من المعاقل التقليدية لليمين المتطرف.
وعلى أقصى يمين حزب سيوتي انفجرت اليوم أيضاً خلافات عنيفة بين إريك زمور، ونائبه السابق ماريون ماريشال لوبان، ابنة شقيقة مارين لوبان، والقيادية السابقة في التجمع الوطني الذي انشقت عليه وانضمت إلى حزب اليميني المعادي للمسلمين والمهاجرين، إريك زمور، الصحافي السابق، وزعيم حزب الاسترجاع” ريكونكيت” في تذكير بحروب استرجاع الأندلس.
وبعد إعلان مارشيال استعدادها للتحالف مع مارين لوبان، رغم رفض زمور، قرر زعيم الحزب طردها من التنظيم، معتبراً أنها خانت مبادئ الحزب بالتنسيق مع مارين لوبان، التي يعتبرها “غير وطنية بما يكفي” وغير قادرة على تطهير فرنسا من المهاجرين الذين يهددون بتعويض الفرنسيين والحلول مكانهم، رغم أنه شخصياً من أصول جزائرية، بما أن والديه عادا من الجزائر بعد استقلالها عن فرنسا.
وقال زمور، اليوم الأربعاء، إن ماريون ماريشال “حطمت الرقم القياسي العالمي في الخيانة، بعد تخليها عن مناضلي حزب الاسترجاع، مثل الكلاب، للحاق بالتحالف العائلي الذي تنتمي إليه للتفاوض على مواقع بائسة لها ولأصدقائها”.
وإذا كان اليمين يقتتل قبل الانتخابات فإن اليسار ليس أفضل حالاً، بعد أن فاجأ زعيم اليسار المتشدد ورئيس حزب فرنسا المتمردة، جان لوك ميلانشون، شركاءه في الجبهة الشعبية الجديدة، التي بدأت محاولات تشكيلها قبل الانتخابات لجمع أحزاب اليسار من الاشتراكي إلى الشيوعي مروراً بالخضر، ويسار الوسط، إنه الأقدر على تولي رئاسة الحكومة المقبلة، إذا فاز في الانتخابات البرلمانية المقبلة، في الوقت الذي يكاد التحالف الناشئ ينهار، بسبب الخلافات الشخصية، وتعدد الزعامات التاريخية والجديدة فيه، ما يهدد بانهيار محاولات جمع اليسار للتصدي لليمين المتطرف.