أجرت لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا (الإسكوا) وبالتعاون مع اتحاد المصارف العربية، تقييما لأثر كوفيد-19 على الأسواق المالية بما في ذلك تأثير الهبوط التاريخي لأسعار النفط على النظم المالية في الدول العربية.
ويبين التقرير الجديد الصادر اليوم الخميس أن تداعيات جائحة كورونا تطال جميع أوجه الحياة وكافة القطاعات الاجتماعية والاقتصادية. كما يلفت التقرير الانتباه إلى التقلبات غير المسبوقة في أسعار النفط.
تحويل جزء من استثمارات هذه الصناديق إلى الدول العربية يؤدي إلى تخفيف تداعيات الجائحة وخفض البطالة– د. رولا دشتي، الأمينة التنفيذية للإسكوا
وتبين المقارنة بين الأسابيع الثالثة الأولى ما بعد الذروة لكل من فترة 2008-2009 والأزمة الراهنة أن حالة عدم اليقين المحيطة باالنكماش الحالي أعلى بعشر مرات مما كانت عليه خلال ما بات يعرف بالركود العظيم في الفترة 2008-2009 .
وفي رسالة مصورة، أوضح الدكتور سليم عراجي، مسؤول الشؤون الاقتصادية في الإسكوا، أن الأسواق المالية الأساسية في المنطقة العربية انخفضت بحوالي 25%، قائلا إن “الإسكوا تتوقع أن ينخفض الائتمان بحوالي 25 مليار دولار بالأسواق الأساسية في الدول العربية، وأن تبقى علاوة المخاطر على مستوى 11 % في العديد من الدول”.
وقال د. عراجي إن هذه النسبة مرتفعة جدا وذلك بسبب ضعف مؤشرات الاقتصاد الكلي وضعف الرؤية لمرحلة التعافي ما بعد كوفيد-19.
تعثرات مالية كبيرة
وتشير دراسة الإسكوا التي أطلقت اليوم إلى أن البلدان المتوسطة الدخل غير النفطية، كتونس ومصر والمغرب، ستعاني من سيولة أكثر ضيقا في القطاع المصرفي ومخاطر ائتمانية أعلى من سيولة أكثر ضيقا بكثير بالمقارنة مع بلدان مجلس التعاون الخليجي.
وتتوقع الدراسة أن ترتفع معدلات التعثر في السداد في المتوسط من 5 في المائة في عام 2019 إلى 10 في المائة في عام 2020 ، وأن تزيد نسب القروض المتعثرة بأكثر من الضعف لتصل إلى حوالي 6 في المائة.
كما أن تزامن تقلبات أسعار النفط وجائحة كوفيد-19 يؤدي إلى إحجام المستثمرين عن الاستثمار في أسواق المال، وانخفاض التداول في الأسهم، وانحسار تدفقات الاستثمار والسياحة والتحويلات المالية، وتدني آفاق النمو.
وفي هذا السياق، دعت الأمينة التنفيذية للإسكوا الدكتورة رولا دشتي صناديق الثروة السيادية العربية إلى المشاركة في تعزيز التعافي الاقتصادي الإقليمي مشددة على أن “تحويل جزء من استثمارات هذه الصناديق إلى الدول العربية يؤدي إلى تخفيف تداعيات الجائحة وخفض البطالة، وفي الوقت نفسه إلى الحدّ من انكشاف الصناديق على تقلبات الأسواق المالية الدولية“.
أهمية توفير السيولة
وقال د. عراجي إن “الإسكوا واتحاد المصارف العربية يتوقعان أن تتضاعف تعثرات القروض للشركات في المنطقة العربية”.
وخلال الربع الأول من هذا العام، انخفضت قيم الأسهم في أكبر المصارف في بلدان مجلس التعاون الخليجي بنسبة 25 في المائة. ومن المتوقّع أن تتضاعف معدلات التخلّف عن سداد القروض في المتوسط لتصل إلى 10 في المائة في عام 2020.
وفي هذا الإطار، شدّدت دشتي على أهمية أن تواصل المصارف المركزية العربية توفير السيولة الكافية للنظام المالي مهما كان الثمن، خلال فترتي الغوث والتعافي، قائلة إن ذلك “سيمكّن المصارف من المحافظة على ملاءتها ومن توفير الائتمان للشركات، ولا سيما للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، اجتنابًا للإفلاس الجماعي”.
بعض الحلول
وفي رسالته المصورة عدد الدكتور سليم عراجي، مسؤول الشؤون الاقتصادية في الإسكوا، أهم السياسات التي يمكن أن تساهم في تحصين النظم المالية في المنطقة العربية، ألا وهي:
تشجيع صناديق الثروة السيادية العربية على المشاركة في تعزيز التعافي الاقتصادي الإقليمي.
خلق صناديق تحفيزية للقطاعات التي تساعد على توظيف الفئات الأكثر فقرا بما فيها النساء للحد من الفقر.
دعم العملات الأجنبية ضروري في البلدان حيث التدخلات في النظام النقدي محدودة، ولا سيما في البلدان ذات نظم ازدواج العملات.
أما بخصوص بعض السياسيات الداخلية للدول، فأشار عراجي إلى أهمية متابعة المصارف المركزية توفير السيولة اللازمة للأسواق مهما كان الثمن خلال فترة الإغاثة والتعافي؛ وإعادة هيكلة الديون خصوصا للشركات المتناهية الصغر، والشركات الصغيرة المتوسطة، لدرء مخاطر التعثر في السداد؛ تقديم حوافز للمشاريع الصغرى والصغيرة والمتوسطة؛ إدارة الأزمات وخطط الطوارئ.
تجدر الإشارة إلى أن دراسة الإسكوا الجديدة هي جزء من سلسلة دراسات لتقييم أثر فيروس كورونا تُعدّها اللجنة الأممية لدعم الدول العربية في جهودها المشتركة للتخفيف من آثار هذه الجائحة العالمية.