صعدت إسرائيل غاراتها الجوية وقصفها المكثف على مناطق متفرقة في قطاع غزة بالتزامن مع معارك عنيفة تخوضها المقاومة في اليوم الـ72 من الحرب، وسط تزايد الدعوات والضغوط المحلية والدولية عليها للتوصل إلى هدنة جديدة وإجراء تفاوض يتيح إطلاق المحتجزين لدى حركة «حماس».
فقد أعربت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا عن قلق بلادها البالغ إزاء الوضع في غزة جراء الحرب، مطالبة بهدنة «فورية». وشددت كولونا في مؤتمر صحافي مشترك بتل أبيب مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين على أهمية التوصل الى «هدنة جديدة فورية ومستدامة».
وقالت: «قتل كثير من المدنيين». وحذرت كولونا من أن الهجمات في البحر الأحمر «لا يمكنها أن تبقى دون رد»، وذلك تعقيبا على سلسلة عمليات نفذها الحوثيون باليمن.
لكن كوهين كرر موقف تل أبيب الرافض لوقف النار في الوقت الراهن، معتبرا أن الدعوات لذلك «خطأ» و«هدية لحماس».
وفي سياق متصل، أكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك على «الحاجة العاجلة» لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار في غزة.
وكتب الوزيران في مقال مشترك نشرته صحيفة «صنداي تايمز» أن «عددا كبيرا جدا من المدنيين قتلوا» في هذه الحرب. وحضا إسرائيل على إنهاء عمليتها العسكرية بشكل سريع ولكنه «دائم» أيضا.
لكنهما قالا إنهما «لا يعتقدان أن الدعوة الآن إلى وقف عام وفوري لإطلاق النار هو السبيل للمضي قدما».
بالتزامن مع ذلك، طالبت عائلات المحتجزين لدى «حماس» حكومة بنيامين نتنياهو بخطة تتيح الإفراج عنهم بعد إعلان الجيش الإسرائيلي قتل ثلاثة منهم «عن طريق الخطأ» خلال عملية في حي الشجاعية بمدينة غزة بعدما اعتقدت أنهم يشكلون «تهديدا».
وفي تحقيقه الأولي، قال جيش الاحتلال إن الثلاثة، وهم رجال في العشرينيات من العمر، لوحوا براية بيضاء وتحدثوا بالعبرية. وقالت نوام بيري ابنة الرهينة حاييم بيري «لا نتلقى سوى مزيد من جثث الرهائن». وأضافت «مطلبنا ليس معركة، إنه مطلب يرفعه أي شخص فقد والده. خذونا في الاعتبار واقترحوا الآن خطة».
ورغم ذلك، لمح رئيس الوزراء الاسرائيلي الى إعادة تفعيل التواصل مع قطر لإبرام اتفاق بشأن الرهائن، بينما أكدت «حماس» في بيان على «تليغرام» موقفها «بعدم فتح أي مفاوضات لتبادل الأسرى ما لم يتوقف العدوان على شعبنا نهائيا»، موضحة أنها «أبلغت موقفها هذا لجميع الوسطاء».
جاء ذلك في وقت يقوم وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن بجولة في المنطقة، تشمل إسرائيل والبحرين وقطر للتأكيد على «التزامات واشنطن بتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين».
ورغم إعلان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي فتح معبر كرم أبو سالم بين إسرائيل وقطاع غزة أمام شاحنات المساعدات للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن قسم الطوارئ في مجمع الشفاء الطبي بشمال غزة استحال «حمام دم» وبات يحتاج الى «إعادة تأهيل» بعد تعرضه لأضرار بالغة جراء القصف الإسرائيلي.
وأوضحت المنظمة في بيان امس أن فريقا منها ومن وكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة، تمكن من إيصال مواد طبية الى مجمع الشفاء الواقع في غرب مدينة غزة، وهو أكبر مستشفيات القطاع.
وأشارت إلى أن «عشرات الآلاف من النازحين» لجأوا الى هذا المجمع الذي يفتقر الى المياه والغذاء.
وأضافت أن «الفريق الذي زار المجمع وصف خدمات الطوارئ بأنها حمام دم، مع وجود مئات المرضى المصابين داخله ووصول مرضى جدد في كل دقيقة».
وبالموازاة في واصل الطيران الإسرائيلي قصف مناطق عدة في مختلف أنحاء قطاع غزة، فيما كشف قائد لواء «غولاني» الأسبق موشيه كابلنسكي أن اللواء خسر منذ 7 أكتوبر ربع قواته بين قتيل وجريح، إذ قتل 82 ضابطا وجنديا.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» مقتل 24 فلسطينيا في مخيم جباليا، مشيرة الى أن «كثيرين مازالوا تحت الأنقاض»، كما أدت غارات أخرى الى مقتل 12 شخصا على الأقل في دير البلح.
كما تواصلت المعارك البرية في أنحاء القطاع، وأعلن الجيش الإسرائيلي مقتل اثنين من عناصره، ما يرفع عدد قتلاه الى 121 منذ بدء العمليات البرية أواخر أكتوبر الماضي.
وقتلت امرأة وابنتها السبت برصاص جندي اسرائيلي داخل رعية العائلة المقدسة في غزة، وهي الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في القطاع، على ما أفادت بطريركية اللاتين في القدس.
وأعلنت الخارجية الفرنسية أن أحد العاملين فيها توفي متأثرا بجروح أصيب بها خلال هجوم إسرائيلي على رفح.
وذكرت الوزارة في بيان أصدرته أن الرجل كان يحتمي في منزل أحد زملائه من القنصلية الفرنسية مع اثنين من زملائه وعدد من أفراد أسرهم.
وأضافت «تعرض المنزل لضربة جوية إسرائيلية مما أصابه بجروح خطرة وقتل نحو عشرة آخرين».
من جهتها، قالت «سرايا القدس» الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي إن مقاتليها اشتبكوا مع قوة إسرائيلية راجلة من 7 جنود في محور حي الشجاعية شرقي مدينة غزة وأوقعوهم بين قتيل وجريح.
بدورها، قالت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس ان «مجاهدينا استهدفوا تجمعا لجنود الاحتلال شرق مدينة خان يونس بقذائف هاون من العيار الثقيل. قصفنا كيبوتس نيريم بمنظومة صواريخ رجوم قصيرة المدى من عيار 114 ملم».