«أنا الخير والشر معاً لأني إنسان»، هكذا وصف الأديب المصري الراحل إحسان عبد القدوس نفسه، والذي يحتفي به، اليوم الأربعاء، محرِّك البحث العالمي «غوغل»؛ احتفالاً بذكرى مولده في الأول من يناير (كانون الثاني) عام 1919.
وتصدرت صورة للأديب الراحل صفحة غوغل الرئيسية، وهو يرتدي بدلته الشهيرة، وحوله رسومات بارزة تعبر عن أشهر أعماله مثل «النظارة السوداء»، و«أبي فوق الشجرة».
وتُعدّ كتابات إحسان عبد القدوس أيقونة خالدة في تاريخ القارئ العربي والمصري، كتب عن الحب والرومانسية والوطن، ووصفه الأديب المصري يحيى حقي: «لا بد وأن يقام معبد للحب، وأن يكون إحسان عبد القدوس كاهنه الأكبر، وإليه يصعد بريد القلوب».
تحولت رواياته لعدد من الأفلام التي تُعدّ من أبرز العلامات في تاريخ السينما المصرية؛ مثل أفلام «يا عزيزي كلنا لصوص»، «حتى لا يطير الدخان»، «الرصاصة لا تزال في جيبي»، «العذراء والشعر الأبيض»، «لا تطفئ الشمس»، و«لا أنام» الذي قامت ببطولته سيدة الشاشة العربية، الراحلة فاتن حمامة، والذي جرى اختياره بوصفه واحداً من أفضل 150 فيلماً مصرياً في عام 1996، أثناء الاحتفال بمئوية السينما المصرية.
وُلد عبد القدوس في أسرة أدبية وفنية، فوالدته الممثلة روز اليوسف، إحدى أشهر أسماء الفن والصحافة والسياسة في النصف الأول من القرن العشرين بمصر، ومؤسِّسة مجلة «روز اليوسف» بعد اعتزالها الفن عام 1925.
ووالده محمد عبد القدوس؛ كان ممثلاً ومؤلفاً، ومن أدواره دور الموظف زميل محمد عبد الوهاب في فيلم «الوردة البيضاء»، وعرفته الجماهير العربية في فيلم «ليالي الحب» في دور رجل من أصل تركي، وغنَّى له عبد الحليم حافظ أغنية «يا سيدي أمرك».
وكان جدّه لوالده وهو الشيخ أحمد رضوان من علماء الأزهر، وكان رئيس كتاب بالمحاكم الشرعية، وترعرع عبد القدوس في ظل تلك الأسرة بين الفن والشعر والأدب والدين، وقال، في تصريحات صحافية، عن حياته: «دائماً أقول عن نفسي إنني نصفان: نصف خيالي وفني صِرف، وهذا قد ورثته عن أبي الفنان محمد عبد القدوس، والنصف الآخر فهو واقعي يعيش الحياة بحلوها ومرِّها، وهذا قد ورثته عن أمي السيدة روز اليوسف… كل القصص التي كتبتها كانت دراسة صادقة جريئة لعيوب المجتمع التي قد يجهلها البعض، ولكن يعرفها الكثيرون، وهذه العيوب تحتاج لجرأة من الكاتب حتى يتحمل مواجهة الناس بها».
ودرس عبد القدوس المحاماة، لكنه لم يمارس المهنة، تولّى رئاسة تحرير مجلة «روز اليوسف» وعمره 26 عاماً، لكن لم يمكث طويلاً في مجلة «روز اليوسف» ليقدم استقالته بعد ذلك، ويتولى بعدها رئاسة تحرير جريدة «أخبار اليوم» من عام 1966 إلى عام 1968، ثم عُيّن في منصب رئيس مجلس الإدارة، إلى جانب رئيس التحرير، في الفترة بين 1971 إلى 1974.
وكانت لإحسان مقالات سياسية تعرَّض للسجن والاعتقالات بسببها. كما تعرَّض لمحاولات اغتيال عدة مرات، وكتب، في روايته «لا تطفئ الشمس»: «إن الهارب من السجن يشعر بالقيد أكثر مما يشعر به السجين».
وكانت مسيرته في الأدب والصحافة متدفقة ولا تتوقف، حيث أصدر أكثر من 600 رواية وقصة، 49 منها للأفلام، و5 أعمال للسيناريو المسرحي، و9 أعمال للمسلسلات الإذاعية، و10 للمسلسلات التلفزيونية، و65 رواية مترجمة إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والأوكرانية والصينية.
وحصد عبد القدوس عدداً من الجوائز والتكريمات، حيث منحه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى، ومنحه الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك وسام الجمهورية.
وحصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة 1989، ويبقى تكريمه الأساسي ما حفره بقلمه وإحساسه الدائم عبر كتاباته، مما جعله علامة خالدة في العالم العربي، حتى بعد رحيله في عام 1990 عن عمر يناهز (71) عاماً.