فوضى كبيرة تسود سياسة بايدن الخارجية منذ أفغانستان

ليست صدفة أن تتخذ نسبة التأييد لسياسات الرئيس جو بايدن، مساراً سلبياً منذ الانسحاب الأمريكي من أفغانستان قبل عامين.

ويرى المحلل السابق للسياسات في وزارة البحرية صامويل بايرز في مقال بمجلة “ذا هيل” الأمريكية، أن حملة الانتخابات الرئاسية لبايدن عام 2020، استندت في جزء كبير منها على إعادة تنصيب الحكماء في سدة المسؤولية. لكن تعامل إدارته المتسرع مع الانسحاب من أفغانستان، الذي كانت كلفته مقتل 13 جندياً أمريكياً وترك آلاف المواطنين الأمريكيين والحلفاء الأفغان خلف خطوط طالبان، بددت أي فكرة بأنه سيكون رئيساً فعالاً في ما يتعلق بالسياسة الخارجية.
ومنذ أغسطس (آب) 2021، بدا واضحاً أن بايدن لا يثبت بأنه السياسي الفاعل والمبدئي والمسؤول على المسرح العالمي، كما توقع الأمريكيون وكما يستحقون من قادتهم.

وفي مثل هذا الشهر قبل عامين، شاهد العالم القوات المسلحة الأمريكية تسارع إلى إجلاء المدنيين من مطار كابول، للوفاء بموعد اعتباطي للانسحاب تم فرضه من الأعلى. وبالنسبة لمن هم كبار في السن بما يكفي، فإن المشهد كان تذكيراً بسقوط سايغون.

فوضى واضطرابات
وامتلأت شاشات التلفزة وتويتر بصور الفوضى والاضطراب، من تعلق لاجئين أفغان بعجلات طائرات النقل التابعة لسلاح الجو الأمريكي إلى آثار الهجوم الانتحاري لداعش الذي أسفر عن مقتل 180 شخصاً. وعلى رغم ذلك، يصر الناطقون باسم إدارة بايدن على القول إنهم “لم يشاهدوا” أي فوضى على انسحابنا من أفغانستان، لكن الرأي العام يعرف أفضل.

إن أفغانستان هي جزء من استراتيجية بايدن الضعيفة في الشرق الأوسط وأنحاء العالم. ومنذ اليوم الأول، استرضى بايدن النظام الإيراني، متجاهلاً الرافعة التي حققتها سياسة “الضغط الأقصى” لسلفه، ودفع في كل مرة مليارات الدولارات لإطلاق رهائن أمريكيين، والعودة إلى الوراء لإقناع طهران بالعودة إلى الاتفاق النووي. وكانت النتيجة هي جمهورية إسلامية على عتبة الأسلحة النووية، وتملك الحرية في إرسال مسيّرات وصواريخ إلى روسيا كي تطلقها على المدنيين الأوكرانيين، والاقتراب أكثر من أي يوم مضى من الصين.

إرث بايدن
ومن المحتمل أن تعّرف الحرب في أوكرانيا إرث بايدن في السياسة الخارجية أكثر من أي أمر آخر. وفي الوقت الذي تقوم الإدارة بعمل مشكور في تزويد كييف بالأسلحة ومساعدات أخرى من أجل مقاومة الغزو الروسي، فإن القرارات التي يقدمها فريق بايدن كأمثلة على القوة والقيادة هي فعلاً مليئة بالضعف والتنازلات.
وعند كل منعطف ممكن، فإن بايدن ومساعديه يبطئون الدعم لأوكرانيا ويحظرون المساعدة الحاسمة خوفاً من استفزاز روسيا. ومن محاولة فصل أوكرانيا في الأيام الأولى من الحرب إلى عرقلة تزويدها بصواريخ بعيدة المدى، وكذلك بالمدرعات والطائرات الغربية، أخفق بايدن في إثبات التصميم والقيادة الأمريكيين، وتصرف بدلاً من ذلك فقط عندما ترغمه الظروف أو عندما يوفر الحلفاء غطاء أعلى لقراراته.
ويرى الكاتب أن الأمريكيين محقون في الشعور بالإحباط حيال سياسة بايدن في أوكرانيا. وبينما الناخبون من اليسار واليمين والوسط يقولون إنهم يدعمون أوكرانيا ويعتقدون أن الولايات المتحدة يجب أن تقاوم العدوان الروسي، هناك قلة تعتقد أن مسار الإدارة “كان يستحق هذه الكلفة”.

التنافس مع الصين
وعندما يتعلق الأمر بالتنافس مع الصين، الخصم الأقوى، فإن مسار بايدن يعاني من عدم التماسك أكثر. وبينما هو يؤكد أن الصين “تمثل التحدي الجيوسياسي الأكثر خطورة على أمريكا” ويواصل توسيع الكثير من سياسات سلفه لاحتواء نفوذها المتنامي، فإن الرئيس وفريقه لا يبدوان قادرين على زعزعة الرغبة في التعاون مع الصين.
وعوض سير حلفائنا خلف استراتيجية شاملة للحفاظ على القيادة الأمريكية للعالم في مواجهة الصين، لا يزال بايدن أسير وعد متوهم حول “الانخراط من أجل الانخراط”، مما يمنح الصين شيكاً على بياض لسلوكها السيئ ويترك دولاً صديقة تبرم اتفاقاتها الخاصة مع بكين.

أكثر أماناً
ويتساءل الكاتب: “هل جعلت ولاية بايدن الأمريكيين أكثر أماناً؟ هل بلدنا أكثر احتراماً مما كان قبل أن يتسلم بايدن منصبه؟.

مطلع أغسطس (آب) الجاري، أمر بايدن بإخلاء السفارة الأمريكية في النيجر-وهو الإجلاء الثالث في الأشهر الأربعة الأخيرة والسادس في عامين. إن إجلاء السفارات الهدف منه في بعض الأحيان حماية الديبلوماسيين، لكن رئيساً يجلي ديبلوماسيين أمريكيين ضعف ما فعل أسلافه، لا يجعل إدارته محترمة من قبل الحكومات الأجنبية وقادرة على حماية المواطنين الأمريكيين ومصالح البلاد في الخارج.
ما هي السفارة الأولى التي أجلاها بايدن؟ إنها بالطبع البعثة الأمريكية إلى أفغانستان، في مثل هذا الشهر قبل سنتين.

Exit mobile version