يعد صيام الأطفال تجربة مهمة في حياتهم، حيث يساعدهم على تعلم الانضباط الذاتي وتعزيز الوعي الديني، لكن في الوقت ذاته يجب أن يتم الصيام بطريقة تراعي احتياجاتهم الصحية ونموهم المستمر، وجسم الطفل يحتاج إلى طاقة وعناصر غذائية معينة لدعم نموه البدني والعقلي، لذلك من الضروري أن يتم الصيام تدريجيًا وبأسلوب صحي حتى لا يتسبب في أي آثار سلبية على صحته، ومع اتباع نظام غذائي متوازن ومراقبة مستوى نشاطهم وحالتهم الصحية، يمكن جعل تجربة الصيام إيجابية وآمنة.

تهيئة الطفل للصيام بشكل تدريجي

من الضروري عدم إجبار الطفل على الصيام الكامل في البداية، بل يجب التدرج معه حتى يعتاد على فكرة الصيام ويكون قادرًا على تحمله جسديًا. يمكن أن يبدأ الطفل بصيام ساعات قليلة في النهار، مثل الصيام حتى الظهر أو العصر ثم زيادة مدة الصيام تدريجيًا حسب قدرته، وهذا الأسلوب يساعد الطفل على التكيف مع التغيرات التي تطرأ على جسمه أثناء الامتناع عن الطعام والشراب.

يجب على الوالدين التأكد من أن الطفل مستعد للصيام جسديًا ونفسيًا، والأطفال الصغار الذين تقل أعمارهم عن سبع سنوات لا يُنصح لهم بالصيام، أما الذين تتراوح أعمارهم بين سبع إلى عشر سنوات، فيمكنهم التدرب على الصيام لساعات محدودة، وعندما يصل الطفل إلى سن البلوغ يمكنه الصيام الكامل بشرط أن يكون بصحة جيدة ولا يعاني من أي مشاكل صحية تعيق قدرته على الصيام.

أهمية وجبتي السحور والإفطار لصحة الطفل

وجبة السحور ضرورية للحفاظ على مستوى طاقة الطفل طوال ساعات الصيام، ويفضل أن تكون وجبة السحور غنية بالبروتينات مثل البيض والزبادي والجبن، والكربوهيدرات المعقدة مثل الخبز الأسمر والشوفان، بالإضافة إلى الفواكه والخضروات التي تمد الجسم بالفيتامينات والمعادن الأساسية، وتناول الأطعمة الغنية بالألياف يساعد في الشعور بالشبع لفترة أطول، ويقلل من الشعور بالجوع أثناء النهار، ويجب على الطفل شرب كمية كافية من الماء خلال السحور لتجنب العطش والجفاف أثناء النهار، وتجنب المشروبات الغازية أو العصائر الصناعية التي تحتوي على نسبة عالية من السكر لأنها قد تؤدي إلى اضطرابات في مستويات الطاقة.

عند الإفطار من الأفضل أن يبدأ الطفل بتناول التمر والماء لإمداده بالطاقة بسرعة دون إرهاق الجهاز الهضمي، وبعد ذلك يجب أن تحتوي وجبة الإفطار على مصادر متوازنة من البروتين مثل اللحوم أو الدجاج أو الأسماك، إلى جانب الخضروات الطازجة والنشويات الصحية مثل الأرز أو البطاطس، وتجنب الأطعمة المقلية أو الغنية بالدهون الزائدة يساعد في منع الشعور بالخمول أو اضطرابات المعدة بعد الإفطار.

الحفاظ على ترطيب الجسم خلال فترة الإفطار

شرب الماء ضروري خلال فترة الإفطار للحفاظ على ترطيب الجسم وتعويض السوائل المفقودة أثناء الصيام، ويجب تشجيع الطفل على شرب كميات كافية من الماء بين الإفطار والسحور مع تجنب المشروبات التي تحتوي على الكافيين لأنها قد تسبب الجفاف، وتناول الفواكه الغنية بالماء مثل البطيخ والبرتقال يساعد في الحفاظ على ترطيب الجسم بطريقة طبيعية.

تنظيم النشاط البدني أثناء الصيام

يجب على الطفل تجنب ممارسة التمارين الرياضية الشاقة أو الأنشطة التي تحتاج إلى مجهود كبير خلال ساعات الصيام، حتى لا يتعرض للإرهاق، ويمكن تشجيعه على ممارسة أنشطة هادئة مثل قراءة القرآن أو ممارسة الألعاب الخفيفة للحفاظ على طاقته، وبعد الإفطار يمكنه ممارسة بعض التمارين الخفيفة مثل المشي لتحفيز نشاط الدورة الدموية وتحسين عملية الهضم.

مراقبة علامات الإرهاق والجفاف على الطفل

يجب على الأهل مراقبة الطفل أثناء الصيام والانتباه لأي علامات تدل على أنه غير قادر على مواصلة الصيام، مثل الشعور بالدوخة، الصداع، جفاف الفم، أو التعب الشديد، وفي حال ظهور أي من هذه الأعراض من الأفضل السماح له بالإفطار فورًا للحفاظ على صحته، والأطفال الذين يعانون من حالات صحية مثل السكري أو فقر الدم يجب استشارة الطبيب قبل السماح لهم بالصيام، والحصول على قسط كافٍ من النوم مهم جدًا للحفاظ على نشاط الطفل خلال النهار، وتأخير النوم قد يؤثر على طاقته أثناء الصيام، لذلك يجب تنظيم وقت النوم بحيث يحصل على عدد ساعات نوم كافٍ خلال الليل.

تحفيز الطفل على الصيام بطريقة إيجابية

تشجيع الطفل على الصيام بطريقة إيجابية يساعد في جعله يستمتع بهذه التجربة دون الشعور بالإرهاق، ويمكن مكافأته على صيامه بطرق محفزة مثل تقديم هدية بسيطة أو مدحه أمام الأسرة، وشرح فوائد الصيام وأهميته الدينية بطريقة مناسبة لعمره يجعله أكثر رغبة في المشاركة في الصيام دون الشعور بأنه مجبر على ذلك.