مع تكرار تصريحات المسؤولين الأتراك حول ضرورة إعادة العلاقات مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، يبدو أن محاولات التطبيع بين الجانبين ستستمر لاسيما مع إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل ثلاثة أيام عن إمكانية اتخاذ خطواتٍ “متقّدمة” مع سوريا، فهل باتت عودة العلاقات التركية ـ السورية وشيكة خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستشهدها تركيا منتصف العام المقبل والتي يحتل فيها ملف اللاجئين السوريين أهميةً قصوى؟
الدبلوماسي السابق والمحلل السياسي التركي آيدين سيزر رأى أن “محاولات التطبيع الحالية بين تركيا وسوريا تأتي على خلفية التعاون بين الرئيس التركي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين حول الملف السوري، فالأخير يريد من أردوغان إقامة علاقاتٍ طبيعية مع دمشق”، على حدّ تعبّيره.
وقال سيزر الذي عمل سابقاً كمستشارٍ في وزارة الخارجية التركية لـ “العربية.نت” إن “ملف اللاجئين السوريين في تركيا هو من بين أكثر الملفات الساخنة في البلاد، حيث يحاول أردوغان حلّ هذه المشكلة للاستفادة منها في الانتخابات المقبلة، ولهذا هو يحاول اليوم تطبيع العلاقات مع دمشق، وهو أمر لا تقف ضده أحزاب المعارضة التركية”.
وأضاف أن “وسائل إعلامٍ محلّية تتحدث عن شروطٍ تركيّة لإعادة العلاقات مع الأسد، لكن لا أحد منها يتحدّث عن شروط النظام السوري والتي تتمثل بسحب القوات التركية من أراضيه والتوقف عن دعم الجماعات الإرهابية خصوصاً في إدلب رغم أن تركيا تتهم الأسد بدعم العمال الكردستاني وهي أيضاً مسألة خلافية بين الجانبين”.
وبما أن الرئيس التركي يحاول إيجاد حلٍ لمشكلة اللاجئين السوريين في بلاده عبر حلّها قبل الانتخابات المقبلة كي يكسب أصوات أولئك الذين يرفضون تواجد ملايين السوريين في تركيا، فهذا يعني أن “التطبيع بين أنقرة ودمشق قد يتمّ قبل حلول موعد الانتخابات الرئاسية التركية التي تعقد في حزيران/يونيو من عام 2023 المقبل”، بحسب الدبلوماسي التركي.
وتابع سيزر أن “روسيا سمحت مؤخراً للمستثمرين الأجانب بالانتقال من أراضيها إلى تركيا بعد فرض عقوباتٍ عليها، مقابل أن تتوقف تركيا عن خلق مشاكل جديدة في سوريا، ولذلك وافقت أنقرة أو بدأت بمحاولات التطبيع مع دمشق”.
وكانت تركيا التي ترتبط بسوريا بحدود طويلة تمتد لأكثر من 900 كيلومتر، قد دعمت المعارضة السورية لإسقاط نظام الأسد بعد الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها سوريا في منتصف آذار/مارس من العام 2011، لكن وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو أعلن مؤخراً عن رغبة بلاده في إقامة “مصالحة” بين النظام ومعارضته وكشف أنه التقى وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد قبل أشهر.
وتوافق أنقرة بشكلٍ غير مباشر على عودة قوات النظام السوري إلى كامل الشريط الحدودي مع تركيا بهدف إبعاد “قوات سوريا الديمقراطية” منها والتي تشكل “وحدات حماية الشعب” الكردية عمودها الفقري.
وترى تركيا في “قوات سوريا الديمقراطية” امتداداً لحزب “العمال الكردستاني” الذي يخوض تمرّداً مسلّحاً ضدها منذ العام 1984.
كما تعد تركيا، الدولة الوحيدة التي تصنف هذه القوات التي حاربت تنظيم “داعش” في سوريا، كجماعة “إرهابية”.