مزرعة في الدنمارك تُنتج من الحشرات لتغذية الحيوانات

عند منعطف طريق في الريفي الدنماركي، أنشأت امرأة ثلاثينية مصنع «إينورم»، وهو موقع ضخم تناهز مساحته 22 ألف متر مربع متخصص في صنع منتجات محضّرة على أساس الحشرات لاستخدامها في تغذية الحيوانات، فيما تطمح إلى تغيير ممارسات مربّي المواشي لزيادة الاستدامة البيئية.

واستعاضت جاين ليند سام ووالدها كارستن ليند بيدرسن عن الخنازير بالذباب العسكري، ويعتزمان إنتاج أكثر من عشرة آلاف طن من دقيق الحشرات سنوياً، إضافة إلى زيت مخصص لتغذية الحيوانات وربما البشر على المدى البعيد.

ويسعى رائدا الأعمال إلى توفير منتجات يمكن أن تحلّ مكان منتجات أخرى قد تكون أقل مراعاةً للاعتبارات المناخية وسيبقى لها أثر كبير، على ما شرحت المالكة المشاركة ومديرة العمليات.

ويشكّل هذا المشروع مساهمة صغيرة في تطوير الزراعة في الدنمارك التي تتعرض الأساليب الزراعية المكثّفة فيها للانتقاد.

ففي عام 2020، أظهر تقرير لجامعة كوبنهاغن أن استيراد فول الصويا لتغذية الماشية يتسبب بانبعاث سبعة ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون، أي نحو 60 في المئة من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الزراعة الدنماركية. إلا أن شركة «إينورم» التي تمكنت من إطلاق إنتاجها بفضل استثمارات عامة وخاصة، لا تتمتع حتى الآن بقائمة طلبات كبيرة.

وأقرّت جاين ليند سام التي أقامت في ديسمبر 2023 أكبر مزرعة حشرات في شمال أوروبا يتم الإنتاج فيها آليًا قدر الإمكان، بأن هذه الصناعة «لا تزال في بداياتها»، ملاحِظَةً أن «حجم السوق لا يزال محدوداً جداً».

لكنّ المنصة الدولية لإنتاج الحشرات من أجل التغذية البشرية والحيوانية توقعت أن يصل إنتاج دقيق الحشرات في أوروبا إلى مليون طن بحلول سنة 2030.

في فليمينغ، تحت أضواء النيون الفيروزية، يصدر طنين قوي عن ملايين الذبابات السوداء الموضوعة في نحو 500 قفص بلاستيكي تضع فيها مئات الآلاف من البيوض يومياً خلال أيام حياتها العشرة.

وشرحت ليند سام أن أنثى الذبابة تضع بيوضها في هذه القطعة من الورق المقوى الموجودة في أسفل القفص، ويبلغ إجمالي الإنتاج يومياً 25 كيلوغراماً من البيض، علمًا أن غراماً واحدًا يحوي تقريباً 40 ألف بيضة ذبابة.

ومن هذه البيوض تأتي جزئياً ذبابات الغد المغذية، وكذلك الديدان المستقبلية التي ما إن تصبح شرانق حتى يتم تحويلها.

وبعد 12 يوماً، يعطي كل 25 كيلوغراماً من البيض 100 طن من اليرقات الرطبة. وتُغذى نحو 500 مليون يرقة في صناديق داخل حاويات في درجات حرارة استوائية، باستخدام النفايات، كقشور البرتقال، التي يتم الاستحصال عليها من شركاء محليين مختلفين.

وأوضح عالم الأحياء نيلز توماس إريكسن من جامعة ألبورغ (شمال الدنمارك)أن “الحشرات يمكن أن تأكل مواد من غير المرجح أن تأكلها الحيوانات الأخرى، ما يسمح باستخدام مختلف المواد الزراعية ومخلفات الطعام بشكل أفضل.

ويشكّل الحدّ من فقدان الموارد والمواد الخام أحد خصائص «إينورم»، كذلك يوفر نظام الاسترداد 25 % من إجمالي احتياجات المصنع من الحرارة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تربية الحشرات تتيح إعادة تدوير أكبر عدد ممكن من التدفقات الجانبية التي كان من الممكن أن يتم إهدارها، أو على الأقل التي لم يكن من الممكن استخدام مغذياتها بفاعلية، على ما أفادت الصناعية.

ويستغرق إنجاز المنتج النهائي ما بين 40 و50 يوماً، وخصوصواً الدقيق الذي يحتوي على 55 في المئة من البروتين. ثم تُوزَّع في كل أنحاء أوروبا، وتتكتم شركة «إينورم» في ما يتعلق بهوية زبائنها من مزارع الخنازير والدواجن والأسماك والحيوانات الأليفة.

أما عن احتمال استخدامها للبشر، فقال إريكسن «إنها مسألة ثقافة جزئياً، فمن يريد أن يأكلها؟».

Exit mobile version