كل شيء تغير، أصبح اللون الأسود الذي في القلوب يظهر على الوجوه، على الجدران، و حتى في السماء..
كل شيء قاتم و حزين، كل شيء تغير، العجوز التي كانت تبتسم في وجوه المارة و تحييهم و تلقاهم بوابل من الدعاء ماتت و دفنت تحت التراب الاسود، الأطفال الذين كانوا يملأون الطريق ضوضاء و جلبة و يكسرون النوافذ بالكرة قبعوا في منازلهم و تسمروا أمام ألواح الكترونية تدعى “التكنولوجيا” ..
كل شيء تغير، حتى مكتبة الحي أصبحت ناد لكرة الطاولة، أما الكتب فتكتل فوقها الغبار الى أن أنقذها أحد البقالين و وظفها لبيع الفواكه الجافة، انه لمتعب للقلب حقا أن ترى مجموعة من السجائرة ملفوفة في ورقة من رواية ل”فولتير” أو “نجيب محفوظ”
أبحث عن شخص يبتسم، الكل متجهم و عابس..
في الماضي، كانت أغاني فيروز تنبعث من مقهى الحي صباحا لتتعانق مع رائحة القهوة العربي فيبثان في النفس نشوة لا مثيل لها و طاقة ايجابية لبداية يوم جديد..
في الماضي كانت الدار في الدار و الجار للجار ..
في الماضي كانت هناك شجرة ياسمين تتدلى بين أسوار ذلك المنزل العتيق تملأ كل الزقاق بعبقها، لم تذبل و لكنها تغيرت، لم أعلم لما اندثر شذى الياسمين! كل شيء تغير..
حتى الياسمين لم يعد ياسمينا!